مزاد... كاب ديزاد

قراءة في حكومة الكفاءات، لا الولاءات… !!!

أفرج منذ قليل عن قائمة أعضاء الحكومة الجديدة، بعدما كانت كل الألسن تناقش القائمة الافتراضية التي يجهل من سربها منذ أيام، وقد أخذت بعدا تحليليا مهما، يكشف أن المواطن الجزائري منغمس في الحياة السياسية ويناقش الأمور الجدية والحقيقية التي لها ارتباط مباشر بيومياته، وفدا بدا ذلك جليا من خلال رأيه في الأشخاص الذين نسيت لهم المناصب الوزارية.
في المقابل، رئيس الجمهورية “عبد المجيد تبون” لم يخف معرفته بما يدور في الساحة السياسية، ولم يجامل أصحاب المصالح الضيقة ومستغلي الفرص، فقد صرح بعد انتخابه لعهدة رئاسية ثانية منذ شهرين، في لقائه الدوري بممثلي الإعلام، قائلا: “الحكومة الجديدة ستكون بمجرد انتهاء النقاش حول قانون المالية 2025 ووضعه أمام المجلس الشعبي الوطني”، بعدما أعلن أنه لا توجد أي صلة بين الأحزاب التي ساندته وبين تشكيل الحكومة الجديدة وأن البحث جاريا عن أكبر الكفاءات وأحسنها في البلاد”. ولأن الرئيس خَبِر الأشخاص واطلع على طريقة تفكيرهم وكيف يمكنهم القيام بدورهم، فقد اقتنع أن تنفيذ برنامجه وتجسيد التزاماته يحتاج إلى كفاءات لا ولاءات، وأن الشخص الذي يحمل العزيمة و القدرة على التنفيذ فقط من يستحق المنصب الدخول له لممارسة صلاحياته، لأن الجزائر الجديدة لا تحتاج إلى شعارات بل إلى من له الجرأة على اتخاذ القرارات وتنفيذ المهمات، لتجسيد التحديات في ظل كل ما يجري من تغيرات وتطورات بالمنطقة وعلى المستويين الاقليمي والدولي، والجزائر أصبحت لاعبا أساسيا في صنع التغير الجيوسياسي وجيواستراتيجي العالمي.
قائمة الحكومة الجديدة، أكدت تصريح رئيس الجمهورية سابقا، حين قال: “هناك ملفات انطلقنا فيها يجب أن يكملها من انطلق فيها، وكل من أظهر تفاعلًا محدودًا مع ملفاته القطاعية، فالتغيير سُنّة”، وهو ما يفسر بقاء بعض البعض من الوزراء السابقين، حتى يكملوا ما انطلقوا فيه، لأن التغيير لا يكون من أجل التغيير، حسبه، فالتغيير يكون عندما يفشل الفرد في تنفيذ ما أوكل إليه من مهام، أو حدث له عجز يمنعه من تأدية مهامه، كما أنه من غير المنطقي فصل شخص من منصبه وهو لم ينه ما بدأ في تنفيذه. تغيير مناصب بعض الوزراء يوحي لتقديم الإضافة للقطاعات التي أوكلت لهم اليوم، بعدما ساهموا في تقديم الإضافة للقطاعات التي استوزروا عليها سابقا، ومنهم “ياسين مهدي وليد” وزير التكوين المهني، الذي يبدو أنه سيقدم الكثير ويعطيك دفعة للقطاع، بعدما قدم الكثير لقطاع المؤسسات الناشئة واقتصاد المعرفة، بعد الخبرة التي اكتسبها بنجاحه في سياسة الاتصال مع الشباب، في وقت يستطيع “نور الدين واضح” وزير المؤسسات الناشئة واقتصاد المعرفة، أن يبين عن كفاءته في تسيير القطاع كونه اشتغل مديرا بذات الوزارة وكان رئيس لجنة منح العلامة، فهو يملك من المعطيات والخبايا ما يجعله ينجح في منصبه.
وبالنظر إلى الرؤية الجديدة لجزائر جديدة لا تعتمد على اقتصاد الريع، بل تأكل مما تنتج، فيبدو أن رئيس الجمهورية ماض في تجسيد رؤيته، وتصحيح بعض العثرات وفتح المجال لتسهيل المأموريات وتحقيق الرغبات، عبر تركيزه على القطاعات الأساسية التي لها علاقة مباشرة بتطوير الجزائر وتقدمها، من خلال فصله وزارة التجارة وترقية الصادرات إلى وزارتين، واحدة داخلية وأخرى خارجية، حتى يكون هناك تكامل بين الوزارتين وتكون المتابعة والمراقبة سهلة وتسمح بالسيطرة على سيرورتهما، حفاظا على المال العام، وقطع رؤوس مافيا التهريب وتضخيم الفواتير والاستيراد والتصدير الوهميين، تدعيم وزارة الطاقة والمناجم بوزارتين منتدبتين للمناجم والطاقات المتجددة من شأنهما تفرغ كل وزير منتدب لملف خاص، حتى يتم التكفل الكلي به ومتابعة ما يجري على الميدان، في ظل الانفتاح الذي تشهده الجزائر على الاستثمار الخارجي واهتمام الشركات الأجنبية بالقطاع، وهو ما سيسهم في تحقيق موارد مالية مهمة للخزينة العمومية. خلق وزارة منتدبة للإنتاج الصيدلاني تحت مظلة وزارة الصناعة من أهم المطالب التي طالبت بها النخبة والشعب معا، لأن الإنتاج الصيدلاني قطاع مرتبط بالصحة اليومية للمواطن، ويحتاج إلى اهتمام خاص، لتوفير الأدوية وتحقيق رفاهية صحية له، بينما الصناعة تفتح مجال التشغيل والإبداع والابتكار على مصراعيه، كما أنها تهتم بالإنتاج المحلي أكثر وتعطي الفرصة للجميع في ظل توفر المواد الأولية محليا والمزايا التي تعمل الدولة على توفيرها لكل من يرغب في تجسيد مشروعه، إلى جانب الوزارات المنتدبة الجديدة في باقي القطاعات، التي ستعطي دفعا للوزراء للعمل وتحقيق نتائج ملموسة، كما أنها تساعد على تقليص فترات اتخاذ القرارات والانغماس في الإنجاز، بسبب تقسيم المهام، التي تخفف من عبء الحمولة على كثير من الوزراء، وتساهم في تجسيد التزامات رئيس الجمهورية، حتى تلك المتعلقة بالشأن الافريقي، بعدما أفرد وزارة خاصة بالعلاقات الافريقية، حتى يتم التفرغ للاهتمام بكل ما يتعلق بالجزائر وعمقها الافريقي، وبحث سبل تصحيح مسار العلاقات الدولية بإعطاء افريقيا المكانة التي تستحق بين قارات العالم.
وتبقى الأيام والأشهر القادمة كفيلة بإثبات أو نفي قراءتنا الأولية المتعلقة بقائمة الحكومة الجديدة، مع تمنياتنا بالتوفيق للجميع، كل في منصبه.

وردة. ق

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

error: جميع نصوص الجريدة محمية
إغلاق