Capdz بالعربي

كلية العلوم الاجتماعية بجامعة وهران 2 تنظم ندوة فلسفية حول: فلسطين في الفكر العالمي – قراءة في المواقف والتاريخ

بقلم: الدكتورة مريوة حفيظة – جامعة وهران 2، كلية العلوم الاجتماعية – المكلفة بالإعلام

 

نظّم مخبر الفلسفة وتاريخها بكلية العلوم الاجتماعية بجامعة وهران 2، بالتعاون مع قسم الفلسفة، ندوة أكاديمية بعنوان:
“فلسطين في الفكر العالمي: قراءات في المواقف والتاريخ”، وذلك في سياقٍ معرفي وإنساني متجدد يربط بين الفكر الفلسفي والالتزام الأخلاقي تجاه القضية الفلسطينية، التي ما تزال —منذ الطوفان الأقصى إلى يومنا هذا— تحرّك الضمير الإنساني وتستفزّ أسئلة العدالة والحرية في الفكر العالمي المعاصر.

 

افتُتحت الندوة بكلمة عميد كلية العلوم الاجتماعية، البروفيسور بوزيدي الهواري، الذي أبرز أن القضية الفلسطينية تشكل محورًا جوهريًا في الفضاء السوسيوفلسفي، إذ تتقاطع فيها الأسئلة السياسية والاجتماعية مع الأسئلة الوجودية والأخلاقية. وأوضح أن الموقف من فلسطين ليس مجرد تعبير عن انتماء أو تضامن، بل هو فعل وعي نقدي يضع الفيلسوف والمثقف أمام امتحان القيم التي يدافع عنها، ويعيد تحديد معنى العدالة في ظل تحولات النظام العالمي الراهن. كما دعا البروفيسور الهواري إلى ضرورة التأكيد على أن الفكر الفلسفي لا ينفصل عن قضايا الإنسان الواقعية، وأنّ فلسطين تظلّ منارة أخلاقية تذكّر العالم بمعنى الكرامة والمقاومة.

 

ثم ألقى الدكتور كبير محمد، مدير مخبر الفلسفة وتاريخها، كلمته الافتتاحية التي أكّد فيها أن القضية الفلسطينية ليست مجرد قضية سياسية أو جغرافية، بل هي قبل كل شيء قضية فكرية وأخلاقية تعبّر عن جوهر الصراع بين الإنسان واللاإنسان، بين الذاكرة والمحو، وبين العدالة والاستعمار. وأشار الدكتور كبير إلى أنّ الفلسفة، بما تملكه من قدرة نقدية وتأملية، مطالبة اليوم أكثر من أي وقت مضى بإعادة التفكير في موقع فلسطين داخل الفكر الإنساني، من زاوية الحق والواجب والمسؤولية التاريخية، مؤكدًا أن دعم فلسطين هو دفاع عن المعنى الإنساني ذاته في وجه محاولات طمسه.

 

توزعت المداخلات العلمية اللاحقة على عدة محاور تناولت المواقف الفلسفية العالمية من القضية الفلسطينية، حيث استُعرضت قراءات في فكر جان بول سارتر وحنة أرندت وإدوارد سعيد وإيمانويل ليفيناس، مع إبراز التناقضات التي ميزت بعض هذه المواقف بين الدفاع عن القيم الكونية من جهة، وتبرير الاحتلال أو الصمت حياله من جهة أخرى. وقد شدد المتدخلون على أن السكوت الفلسفي تجاه الظلم الواقع على الشعب الفلسطيني يمثل ثغرة أخلاقية في الضمير الإنساني الحديث.

 

كما تناولت الندوة البعد التاريخي والثقافي للقضية الفلسطينية، مبرزةً كيف شكّلت فلسطين فضاءً رمزيًا للمقاومة في الفكر العربي والإسلامي والعالمي على السواء، وكيف ألهمت فلاسفة ومفكرين في إعادة التفكير في مفاهيم الحرية، والسيادة، والهوية، والعدالة الكونية.

 

واختُتمت الندوة بتوصيات أكاديمية دعت إلى ضرورة إدماج القضية الفلسطينية ضمن مقررات الفلسفة والعلوم الاجتماعية، ليس بوصفها موضوعًا سياسيًا فحسب، بل كمجال فلسفي وأخلاقي يختبر صدقية الفكر الإنساني وقدرته على مواجهة الظلم والهيمنة.

 

إنّ ندوة “فلسطين في الفكر العالمي” أعادت التذكير بأنّ الفكر الفلسفي لا يمكن أن يكون حياديًا أمام المأساة الإنسانية، وأنّ فلسطين، في عمقها الرمزي والواقعي، ستظلّ مرآة الضمير العالمي، ومحكًّا لصدق القيم التي يتغنى بها الإنسان المعاصر.