حذر المشاركون في اليوم التحسيسي المنظم يوم أمس الخميس بمقر مجلس قضاء وهران، تحت شعار “الأحكام المستحدثة للوقاية من المخدرات والمؤثرات العقلية ومكافحتها في ظل القانون 25-03″، أن ظاهرة المخدرات لم تعد مجرد آفة اجتماعية فحسب، بل أصبحت سلاح يستعمل لضرب المجتمع الجزائري واستهداف شبابه، ما يستدعي تضافر الجهود بين مختلف الهيئات القانونية والاجتماعية والتربوية لمواجهتها بصرامة ووعي.
وفي هذا السياق، أوضح عمر برغام، نقيب منظمة المحامين بوهران، أن القانون الجديد 25-03 لا يعد أول تشريع في مجال مكافحة المخدرات، لأن محاربة هذه الظاهرة تعود إلى قرون خلت، حيث تصدى لها رجال الدين في بداياتها، لتواصل الدولة لاحقا مساعيها في سبيل حماية المجتمع من أخطارها. وأشار إلى أن “المخدرات اليوم تستعمل كسلاح جديد لضرب المجتمع الجزائري وتدمير نسيجه من الداخل، وهو ما يفرض وعيا جماعيا لمواجهة هذه الحرب غير التقليدية.”
وأكد برغام أن كل من المستهلك والمروج وحتى التاجر هم في نهاية المطاف ضحايا لشبكات خطيرة تسعى للإضرار بالوطن. وأضاف أن دور المحامين لا يقتصر على الدفاع عن المتهمين، بل يشمل المساهمة في إظهار الحقيقة ودعم العدالة للوصول إلى الجذور الحقيقية للظاهرة ، كما شدد على أن الدفاع لا يعني التواطؤ مع الجريمة، بل هو جزء من تحقيق العدالة وصون حقوق الإنسان، الأمر الذي يساعد الدولة في وضع سياسات أكثر عدلا وفعالية في مكافحة الإدمان.
من جانبه، استعرض عابر أسامة، عضو المجلس الأعلى للشباب، جهود المجلس في مرافقة الشباب وحمايتهم من المخاطر الاجتماعية، ضمن رؤية المجلس 2023-2033 التي تتضمن محورا خاصا بحماية الشباب من الآفات الاجتماعية، وأوضح أن المجلس الأعلى للشباب نظم زيارات ميدانية إلى 26 مركزا وسيطا لمعالجة الإدمان في مختلف ولايات الوطن، أين تم عقد جلسات حوارية مع المدمنين للاستماع إلى معاناتهم وتطلعاتهم ورفع توصياتهم إلى السلطات المختصة.
وأشار عابر إلى أن المجلس يعمل بتنسيق وثيق مع الديوان الوطني لمكافحة المخدرات لوضع مقترحات تندرج ضمن الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الظاهرة، مؤكدا أن المقاربة الجزائرية ترتكز على الوقاية والإدماج الاجتماعي كخيارين أساسيين. كما شدد على شعار المجلس “الشباب هو الحل”، الذي يعكس الإيمان بقدرة الشباب الجزائري على أن يكون شريكا فاعلا في حماية نفسه ومجتمعه من هذه الآفة.
وأضاف أن المجلس نظم أيضا جلسات حوارية داخل المؤسسات العقابية ومع المودعين بمراكز إزالة السموم، من أجل فهم الأسباب التي تدفع الشباب نحو الإدمان واقتراح سبل لإعادة إدماجهم في المجتمع. وأكد أن التوصيات المرفوعة إلى رئاسة الجمهورية تترجم الواقع الميداني وتسهم في تطوير سياسات وقوانين أكثر استجابة لمتطلبات المرحلة.
و اكد المشاركون ان مكافحة المخدرات مسؤولية جماعية، لا تقتصر على مؤسسات الدولة فقط، بل تشمل الأسرة، والمدرسة، والمجتمع المدني، في إطار وطني شامل يهدف إلى تحصين الشباب الجزائري من هذا السلاح الخطير الذي يستهدف مستقبله وهويته.