Capdz بالعربي

  المسلسلات… الاستعمار الناعم

أصبحت سجلات الأسماء بمصلحة الحالة المدنية البلدية تعج بالأسماء الشخصية الغريبة عن الأسماء الجزائرية التي كانت تمثل الهوية.
فتحولت أسماء الأجيال الجديدة إلى ترديد لأسماء الشخصيات التي مثلت في مختلف المسلسلات والأفلام التي تبثها الفضائيات. فبعدما كانت المسلسلات الميكسيكية مهيمنة على المرأة الجزائرية، تحولت في السنوات الأخيرة إلى ضحية للمسلسلات التركية، فأصبحت الأسماء التركية تغزو سجل الأسامي الجزائرية، وأصبحت الأسماء الجزائرية المعروفة شبه منسية. حتى العادات والتقاليد أصبحت في مهب الريف والتمرد على التقاليد وأعراف المجتمع مسألة تحتاج نقاش حقيقي، بعدما أصبحت عمليات الإجهاض والحمل خارج الزواج، والمساكنة (عيش المرأة والرجل بدون عقد زواج رسمي)، والمصاحبة بعد الزوج من الأمور التي تقدمها هذه المسلسلات وتظهرها على أنها طبيعية ولا تأثير لها على المجتمع، يجعل الأسرة تواجه فشلا وتشتتا حقيقيا.
وفي تقدير علماء الاجتماع والنفس أن مثل هذه الظواهر ماكانت لتنتشر لو أن القطاع الثقافي اهتم لحاجة الفرد، ووفر له ما يريده، وما يصنع وعيه بأعمال جزائرية خالصة، تقوم بتمرير رسائل توعوية وتربوية من شأنها الحفاظ على الأسرة الجزائرية وأعراف المجتمع. فقد أصبحت المسلسلات وسيلة للهيمنة الفكرية على الشعوب، ومواجهتها لا تكون خارج الإطار نفسه، بتوفير منتوج محلي يروج لما له علاقة بتاريخ وهوية البلد، ناهيك عن الترويج للمناطق السياحية، فقد أصبحت تركيا قبلة عالمية للسياح، وكل مسلسلاتها تدور وقائعها بالمناطق السياحية، بينما لازلنا بالجزائر نعيد الأعمال الفنية (الأفلام) التي أنجزت منذ زمن طويل، في حين معظم الأعمال المنجزة حديثا لا تلقى إقبالا كبيرا لأنها لا تعكس الواقع حقيقة. فأصبح المجتمع ضحية ومن ورائه وطن.
فإلى متى يبقى الجزائري يبحث عن ضالته الثقافية في المنتوجات الثقافية الأجنبية؟ لماذا لا تكون إنتاجات جزائرية تروج وتسوق للجزائر سياحيا وفكريا؟ متى يقتنع مسؤولونا أن قطاع الثقافة له دور أساسي في ترسيخ وتكوين تعريف للهوية الجزائرية وتاريخها؟
بقلم: وردة. ق