لازالت الرياضة هي المسبطر على عقول الشعوب، ومخدر القلوب، وكرة القدم الأفيون المهيمن، الذي أصبح يشمل النساء بعدما كان ذكوريا فقط.
فتجد الإدارات والمؤسسات تشتكي من غياب موظفيها يوم تكون لقاءات رياضية حاسمة، وقد تمنح سلطات البلد عطلة جزئية لمعظم عمال بعض القطاعات، ماعدا القطاعات الحساسة، ليتابعوا المقابلات الرسمية والهامة كنهائي منتخبها الوطني في كرة القدم. وقد يصل بعشاق الرياضة إلى تأجيل مواعيد حاسمة في حياتهم مقابل ألا يفوتوا متابعة لقاء الفريق الذي يعشقونه، وقد يضطر أحد المشجعين إلى اقتراض المال من أجل التنقل والحصول على تذكرة لقاء، لمتابعة اللقاء مباشرة من المدرجات، تصل أحيانا تحمل الجمهور للأمطار والبرد وعناء السفر لأجل تحقيق متعة الحضور الميداني. وقد يجد معظم الجمهور ضالته في الغناء على مدرجات الملعب ، فتستمر فرحة الفوز أسابيع وحتى شهورا، وقد تتحول إلى لوم وتحليلات وانتقادات قاسية ولاذعة اتجاه مدرب الفريق وطاقم في حال الخسارة.
في سياق موازي، يسعى اللاعبون إلى تحقيق الفوز، ونيل سخاء ودلال الجمهور مباشرة على أرض الميدان، الذي لا يتوانى في توجيه سهام اللوم والنقد المباشر للاعب في حال تهاونه أو ضعفه، كما يلقى التشجيع في حال استماتته لتحقيق الفوز. ينتهي اللقاء وينطلق الجمهور في تحليلاته وتشريحه للوضع العام وليس الاكتفاء بالفريق اللاعب فقط، بل إلى طاقم التسيير، مثلما تعيشه كرة القدم الجزائرية هذه الفترة، التي يعيشها الجمهور مناوئا لإدارة التسيير، بعدما سجلت إخفاقات وتراجعات، ما كانت لتحصل حسب معظم المتابعين، لولا جشع بعض المسيريين واستغلال ميزانية الفرق لتغيير وجهة الأموال إلى وجهة غير التي سطرت لها، والدليل المشاكل اليومية التي تتخبط فيها معظم فرق كرة القدم، والتراجع الكبير لمستوى لاعبيها، بسبب عدم توزيع المستحقات لأصحابها. ورغم أن السلطات الرسمية تولي اهتماما لرغبات الشباب إلا أن قطاع الرياضة الذي يعتبر الحاضنة الرئيسية لهم، لازال هشا مهمشا لا قيمة له، وهو ما يستدعي إعادة النظر في طريقة تسيير كرة القدم، وكل الرياضات الجماعية الأخرى، أما الرياضات الفردية فلم تصل المستوى المطلوب من الاهتمام بعد، في حين تبقى الرياضة النسوية هامشية، وبالكاد تذكر، رغم النتائج الجيدة المحصلة في مختلف المجالات.
ولأن الرياضة هي غذاء الجسم، فهي تسير جنبا إلى جنب مع قطاع المعرفة (التعليم)، وتحتم على السلطة إعادة هيكلة وتجديد كلي لقطاع الرياضة، مع التركيز على أرضية انطلاق الرياضة وهي الرياضة المدرسية ونوادي الأحياء، فهي تهيء الفرد نفسيا وبدنيا وتجنبه أخطار الشارع من جرائم ومخدرات، مع ضرورة توفير طرق جديدة لمراقبة طريقة تسيير هذا القطاع لقطع طرق الاستيلاء على أمواله وممتلكاته وتحييد العناصر التي تعمل على إفشاله وتدهوره.
بقلم: وردة. ق