مزاد... كاب ديزاد
الحرب الروسية-الأوكرانية… الجزائر وسيطة!

رحبت روسيا رسميا باقتراح الجزائر التوسط لفض حربها مع أوكرانيا بارتياح كبير.
قبول وساطة الجزائر ليس من باب الصدفة أو التودد، أو مجاملة رئيس الجمهورية “عبد المجيد تبون” الذي يوجد في زيارة رسمية إلى روسيا، تلبية لدعوة نظيره “فلاديمير بوتين”، بل تأتي الموافقة على الجزائر لتكون وسيطا، لأن سمعتها تسبقها في مجال الوساطات الدولية، ونجاحها في تسوية الخلافات بين الدول ضاربة في التاريخ، فقد كان لها دورا رئيسيا في حل مشكلة الرهائن الأمريكان بإيران ولازالت إلى اليوم تستذكرها أمريكا وتثني على الجزائر، وعلاقة العراق بإيران، ومصداقية استشرافها للرهانات الدولية، فقد راهنت على نظام الأسد، وهو ما حصل وعادت سوريا إلى مقعدها بالجامعة العربية، ونجحت في جمع الفصائل الفلسطينية حول طاولة حوار واحدة، أنتجت “إعلان الجزائر” في غرة نوفمبر 2022، بقمة العرب بالجزائر.
وتواصل إلى اليوم عملها على حل المشاكل الدولية دون التدخل السافر في الشؤون الداخلية لهذه الدول، فهي تحترم سيادة الدول، ولا تخلط بين علاقات الصداقة والتعاون والتعامل وفق الند للند ومنطق رابح رابح. فهي تساعد الشقيقة تونس بكل الإمكانيات المتاحة، وتتوسط بين أطرافها دون التأثير على خياراتهم الداخلية، لأنها مقتنعة أن الشعب التونسي وحده من يحسم الأمر، وعلى القوى الخارجية عدم محاولة الضغط على حكامها لجعلها رهينة لديهم، لأن تونس لن تنهار. وكذلك بالنسبة لليبيا، وقد خلصت كل الدول إلى صحة النظرة الجزائرية، بأنه لا حل لليبيا خارج الانتخابات التي يشارك فيها كل الشعب الليبي، بعيدا عن أي تدخل خارجي. والدور الذي تقوم به في إفريقيا لمساعدة الشعوب الافريقية على التحرر من الهيمنة الاقتصادية بعد التحرر من الهيمنة العسكرية، على
غرار ما يجري بمالي، التي تلح الجزائر بأن حلها يتطلب الحوار بعيدا عن استعمال السلاح.
الجميع يتابع ويحلل العلاقات الجزائرية وباقي الدول، فالجزائر تمنكت من تسيير ملف علاقاتها بحكمة وحنكة سياسية كبيرتين، رغم ضبابية العلاقات الدولية، التي تعيش تغييرات كبيرة، بعدما فهمت أن العالم يتحول من نظام أحادي إلى نظام متعدد الأقطاب، فنوعت علاقاتها بتوثيق تعاملها مع كل الدول والأنظمة، فهي تراهن على دخولها منظمة “بريكس” للخروج من نظام الأورو والدولار، إلى جانب إنشاء بنوك جزائرية وروسية بين البلدين، لتسهيل التعاون الاقتصادي والاستثمار بين المستثمرين الخواص من البلدين، مما يعني أن الجزائر أصبحت محور رئيسي بالمنطقة العربية والافريقية، ودورها أساسي بالتغيرات الجديدة.
وأمام كل هذه التغيرات، ستكون للجزائر كلمتها في العلاقات الدولية، لاسيما العلاقة الروسية الأوكرانية، ونتائجها ستكون واضحة، فالديبلوماسية الجزائرية قوية وموثوقة وفعاليتها مضمونة.
بقلم: وردة. ق