يقع حادث مرور، أول من يبحثون عنه هو رجل الحماية المدنية، تندلع نيران في أي فضاء، أول من يرن هاتفه للنجدة، هو رجل الحماية المدنية، تنقطع السبل بامرأة حامل، أول من يتم التفكير في حل مشكلتها هو عنصر رجل الحماية المدنية، يغرق أحدهم في أي موقع مائي، أول من يستنجدون به للإنقاذ هو رجل الحماية المدنية، تحدث الفياضانات، الزلازل، الانفجارات… فيكون رجل الحماية المدنية أول المتدخلين…..
نعم، إنه رجل الحماية المدنية، ذلك الشخص الذي نذر حياته لخدمة الإنسانية، تدخلاته في السلم والحرب، الصيف والشتاء ، الليل والنهار، لا يعرف من العطلة سوى الاسم، والامتناع سوى النكران، والرفض سوى المقاطعة، في كل الظروف والمناسبات، جاهز للتدخل وتقديم المساعدة، يعرض حياته للخطر ليساهم في مد المساعدة لشخص خائف من مغادرة الحياة. لا يضيع لحظة لتحقيق الفرحة لمن يستنجد به ويطلب مساعدته.
لكن يبقى “رجل الحماية المدنية” يحتل هامش الاعتراف من المجتمع، يعيش على حافة تفكيره، لا يتذكر خصاله إلا وقت الحاجة إلى تدخلاته، ولا يعرف اسمه إلا عندما تزعجه صافرة سيارته وهي تطلب منهم الابتعاد وإفساح المجال لها، لتصل إلى وجهتها المطلوبة لتقديم خدمته وإنقاذ حياة أو فضاء يتعرض إلى أذى. رغم أنه في كل مرة يبرمج حصصا لتدريب أفراد المجتمع للتدخل وقت حدوث طارئ، قبيل وصوله عندما يتم الاستنجاد به، لاسيما خلال الحوادث التي يكون الفرد ضحية لها.
ويحدث أن تقام حفلات وتنظم مؤتمرات يتم الاهتمام فيها بشخصيات لا أثر لها في الحياة، ولا مكان لها بين المهتمين على أرض الواقع، لكنها تملء المواقع الافتراضية بالتفاهات، وتصنع شهرتها بالحماقات، وتأخذ اسمها بملء فاه الإعلام والشخصيات “المؤثرين والمؤثرات”…
فإلى متى يبقى رجل الحماية المدنية مهمش من طرف المجتمع والإعلام؟ هل يأتي يوم ونقرأ قصصا وروايات عن رجال الحماية المدنية ومغامراتهم الشيقة في هذه الحياة؟ متى ستؤخذ تجاربهم كدروس في الإنسانية، فيصبحون القدوة ويصححون مفهوم التأثر والتأثير في العلاقات؟
بقلم: وردة. ق