عندما تقول الحدود محمية، فاعلم أن هناك جندي يقف على مشارفها يحميها ويحميك من أي عدو محتمل. لما تحدث كوارث طبيعية، يسلم روحه ويكون في الصف الأول للإنقاذ. إذا قدر وحدث طارئ يهدد سلامة الوطن، فإن الجندي لا يتراجع أو يتردد، بل يسارع بصدر عار لمواجهة الخطر الداهم. وإذا انفلت الأمر في الشارع، فالجيش من يحمي الشعب ويوفر الغطاء الأمني للشعب، ولنا في حراك 2019 درس للعالم، بعدما رافق الشعب لأكثر من 90 جمعة دون أن تسقط قطرة دم، رغم ارتفاع ضغط الشارع.
ولأن الجيش الوطني الشعبي سليل جيش التحرير فهو الجيش الوحيد الذي يعتبر مشروع شهيد، لأنه حافظ لرسالة شهداء الثورة المظفرة، يحمل قضية الوطن بشغف ومسؤولية كاملة، فهو يقدس الوطن ثم نفسه ثم العائلة. الجندي الجزائري نظيف اليد، فهو لم يتورط يوما في إراقة الدماء بأي دولة كانت، وصادق الكلمة والوفاء، فهو لم يتدخل خارج حدوده أبدا، ورغم أن دستور 2020 يخول له الدفاع المتقدم عن وطنه والتدخل في الحالات الضرورية، إلا أنه ظل محافظا على حياده في التدخل خارج الوطن، رغم الاستفزازات المتكررة من طرف بعض الأطراف التي تحمل كيدا للجزائر، بعدما أثبت جاهزيته وقدرته على إدارة الأزمات في فترات سابقة، جعلت الجزائر بعيدة عن أي تدخل خارجي.
الجيش الوطني الشعبي أصبح اليوم جيشا محترفا، والأهم أنه جيشا موحدا، لا يفرق بين عناصره ولا يؤمن بخرافة الجهوية ولا يقبل بمصطلح “العنصرية”، وهي الخاصية التي ورثها عن جيش التحرير الوطني. كما أنه يعتبر ثاني أقوى جيش بإفريقيا بقدراته المادية، التي تكفل له الحصول على أحدث الأسلحة المتطورة، والتي بعضها لم تدخل دوائر المعارك بعد، والأهم هو جاهزية العنصر البشري للتدخل في كل الأوقات، والإنسجام الموجود بين كل الرتب، والتنسيق في اتخاذ القرارات وتطبيق التعليمات دون الخروج عن المخطط المرسوم من طرف القيادة، وهو ما يجعل الجزائر تمثل قوة عظمى بالمنطقة، فهي تعرف الجغرافيا الافريقية وخبيرة في تضاريسها، كما أنها تعتبر مدرسة للكثير من النخب العسكرية الافريقية، ومعظم القيادات العسكرية الافريقية حاليا، تلقت تعليمها وتدريبها العسكري على يد نخبة عسكرية جزائرية خالصة…
ينفرد الجيش الوطني الشعبي بمكانته المقدسة في كل قلب كل جزائري، يفتخر الشعب به ويعتبره شرفه، يسوق له عبارات التشجيع والاحترام في كل المواقع، لأن الانتماء إلى المؤسسة العسكرية، يكون من رحم الشعب مباشرة، وأفراده يتغذون معنى الوطن وشرعية وأولية الدفاع عنه وعن أمنه وحدوده قبل الدفاع عن النفس، فيهب الفرد العسكري حياته لخدمة جيشه وصون وطنهوطنه، عكس باقي الجيوش في العالم، والتي تضم بين صفوفها “مرتزقة” و”ميليشيات” لا يوجد في عقيدتها الوطن والدفاع عنه، بل جماعات عسكرية تؤدي المطلوب منها مقابل مبالغ مالية ومزايا معينة، في أي منطقة من العالم وإن كانت البلد الذي ينتمي له المرتزق، لأن عقيدته هي المال وتكوين الثروة على حساب البشر وحقوقهم.
احتفال الجزائر باليوم الوطني للجيش الوطني الشعبي المصادف ل4 أوت من كل عام، هو يوم لتذكير العالم باللحمة التي تجمع الشعب بجيشه، والوحدة والحلقة الصلبة التي تربط الجيش بشعبه، كما أنه فرصة لتذكير الجميع بأن كل الشعب الجزائري عسكري بطبعه، فهو متشبع بقيم الوطنية والدفاع عن الجزائر، ولهذا الجميع مستعد لحمل السلاح والانخراط في الجيش إذا حل طارئ أو أمر ينذر بخطر داهم على الحدود سواء البرية، الجوية أو البحرية.
فالشعب من الجيش والجيش من الشعب، ويبقى “جيش شعب، خاوة خاوة” شعار يردد باللسان ويترجمه الاتحاد في الميدان.
كل عام والمؤسسة العسكرية في قمة الوفاء والعطاء للجزائر الشامخة بجيشها وشعبها.
بقلم: وردة: ق