بقلم وردة. ق
تعتبر الجزائر بوابة افريقيا وحارستها من البحر، وقوة ردع لترهيب من ينوي الشر بدول الجوار، وتحمي الحدود المشتركة مع دول الساحل، ولكن هذا يعتبر ناقصا ما لم يتدعم بتواجد اقتصادي قوي، يعزز حضورها القاري، لدعم تواجدها خارج القارة.
وقد انتبه الزعيم الراحل “هواري بومدين” إلى أهمية التواجد بافريقيا، فوقع قانونا خاصا لتجارة المقايضة مع الدول الافريقية في 1968، وعدلت خلال سنوات لاحقة على غرار 1984، 1988 و1997، لكن تطبيقها تراجع بمرور السنوات، وتقلص التواجد الاستثماري والتجاري في افريقيا، وعوض أن يقوم الرئيس الراحل بتسخير أموال الدعم المقدمة للدول الافريقية إلى مشاريع استثمارية بهذه الدول، قام بمسحها بالكامل، في الوقت الذي تم تهميش تجارة المقايضة، التي كان ليكون لها بالغ التأثير على الحياة اليومية للجزائريين المقيمين بالمناطق الحدودية الجنوبية.
خلال العهدة الحالية للرئيس “عبد المجيد تبون” أول ما تم التفكير فيه لتعزيز العلاقات التجارية مع الدول بالحدود الجنوبية، هو إعادة بعث تجارة المقايضة مع كل من مالي والنيجر في عهد وزير التجارة السابق “كمال رزيق”، وقد كانت الجزائر تقايض المواد الغذائية الموجودة بفائض في الجزائر بالحيوانات لاسيما الأغنام. كما أمر بإعادة بعث تجارة المقايضة مع موريتانيا ومالي، لأنها من شأنها تنشيط حركات التنقل والتبادل التجاري، وتسمح بخلق حركية للمنتجات، مما يفتح مجال الاستثمار.
كما أن الرئيس “تبون” اليوم، استغل تواجد المنتجين الجزائريين بمعرض الإنتاج الجزائري في دورته 31، ودعا إلى إحصاء المؤسسات والشركات الجزائرية التي تمكنت من تغطية السوق الوطنية، لتسهيل توسيع نشاطها، لتتوغل في السوق الافريقية، من خلال عمليات التصدير.
التغيرات الاقليمية والعالمية تفرض على الجزائر التأقلم معها، وتواجدها بافريقيا ضروري وملح، والاقتصاد عمود القارة السمراء، وهو لازال مجالا خصبا، سيكون خلفية مهمة للجزائر من خلال تواجد مستثمريها، ومن خلال حركة السلع بعد الانتهاء من مشروع طريق الحرير، لأنها ستكون منطقة عبور للسلع والمنتجات الغربية لاسيما أوروبا عبر موانئها، وهو ما سينصبها محور الحياة الاقتصادية والاجتماعية بافريقيا وأوروبا.
هذا التطور في الاقتصاد الافريقي سيعطي ثماره المباشرة على الحياة اليومية للمواطن الجزائري، لأن نشاط حركات التنقل لاسيما السكة الحديدية، يخلق حياة تجارية عبر مساره، ويشجع الجزائري على التوجه للابداه والابتكار وإنشاء المؤسسات الناشئة والصغيرة والمتوسطة، وهو ما يحسن الحياة اليومية.