دشن منذ أيام الرئيس “عبد المجيد تبون” رفقة شقيقه “محمد ولد الشيخ الغزواني” المعبر الحدودي “مصطفى بن بولعيد” بمدينة تندوف الحدودية مرورا إلى دولة موريتانية الشقيقة. فتعالت الأصوات النشاز، متسائلة ومتهكمة على الخطوة المهمة التي نفذها البلدان.
وفي غفلة منهم أو ربما جهلهم انكشف غباؤهم، وتبين أنهم يهاجمون ويعارضون ليس بناء على معطيات تسمح بتقديم أفكار بناء وحلول حقيقية، وإنما بغية زعزعة “ثقة الشعب في دولته”، وتأليبه ضد كل ما يخدمه ويطور جزائره. وهي الفكرة “النجسة”، التي أصبح الجزائري يفهمها ويتفادى التقاطها، بل يكتفي بالتنمر عليها والضحك وتحويلها إلى نكتة لا أكثر. فالمعبر الحدودي لمن أراد تقزيم المشروع، يسمح بتسهيل الحركة بين الجزائر وموريتانيا، ويسمح بتأمين حقيقي للمركبات المارة من وإلى “الزويرات” المورتانية انطلاقا من “تندوف” الجزائرية، والتأمين يحيلنا إلى ما حدث منذ فترة، عندما هوجمت شاحنة تجارية لجزائريين بالطريق تندوف-الزويرات عندما لأنه لم يكن مؤمنا، وتم احتراق الشاحنة واستشهاد المواطنين بعد مهاجمة شاحنتهم بجسم مجهول المصدر، ففضلت الجزائر التزام الصمت، مقابل العمل بما يوقر الحماية والأمن لمواطنيها، فما بالك وقد أنشئت “منطقة حرة” بين البلدين، حيث ستكون مثل خلية النحل لحركة المتعاملين التجاريين والاقتصاديين من البلدين، في ظل إلغاء التعريفة الجمركية على المنتجات الأصلية الجزائرية والموريتانية. الغرض من سرد الواقعة، هو تنبيهكم إلى أن تندوف لم تعد تلك المدينة الحدودية الخالية من الحركة، بل ستتحول قريبا إلى نقطة اقتصادية مهمة وذات ثقل كبير، بعد أن يدخل “منجم غار جبيلات” للحديد حيز الاستغلال، فالتنمية المحلية ستزدهر على طول طريق السكة الحديدية الرابط بين تندوف ومناطق داخل الجزائر، ومع دولة موريتانيا. وهنا تتجسد فعليا نظرة الجزائر في “التصدير خارج المحروقات”.
ولنا أن نوسع رؤيانا إلى ما ستحققه الجزائر بانفتاحها على افريقيا الغربية، عبر موريتانيا، فهي ستفتح الباب أمام المتعاملين الجزائريين لدخول عمق افريقيا انطلاقا من موريتانيا، وإعطاء الفرصة لهم لإنتاج ما تحتاجه شعوب افريقيا، إلى جانب استيراد بعض المنتجات الافريقية وإن كانت تخضع للتعريفة الجمركية، لكنها ستسمح بتنويع سوق الفواكه بالجزائر وبأسعار مقبولة.
وتبقى هذه الخطوة الأولى أهم خيار استراتيجي تبنته القيادة الجزائرية، على أن يتم تجسيد باقي الاستراتيجيات التي تجعل الجزائري يأكل ما ينتج، ويركب ما يصنع، ويجسد ما يحظره من ابتكار، لاسيما وأن كل الظروف ملائمة وسوق الاستثمار والابتكار والإبداع لازالت عذراء.
وردة. ق