نجحت الجزائر في إقناع الدول الأعضاء في مجلس الأمن، بداية من أعضاء مجموعة A3+، الذين عبروا عن مساندتهم لمسعى الجزائر، لتتوسع بعدها المشاورات إلى كافة الأعضاء المنتخبين للمجلس، لتصبح إمكانية الاطلاع على وثائق مجلس متاحة لكل أعضاءه دون تمييز.
حيث قضت الجزائر من خلال ممثليتها الديبلوماسية بالأمم المتحدة بنيويورك خلال العام الأول من ولاية بلدنا بمجلس الأمن، ما يعادل 6 أشهر من النشاط الديبلوماسي شبه السري أو الصامت، لإقناع الأعضاء أنه من غير المنطقي ولا المعقول أن يتم التعامل بين أعضاء مجلس الأمن بمبدأ الفوقية وعدم المساواة. حيث تمكنت النجاح في قبول رؤيتها القانونية من خلال إدراج الفقرات الجديدة من مذكرة الرئيس رقم S/2024/507، بالإضافة إلى تعديلات جوهرية تخص أساليب عمل المجلس خصوصا ما يتعلق بالأعضاء المنتخبين، حيث تعود شهرة مذكرة الرئيس 507 إلى كونها الوثيقة الرسمية الوحيدة لمجلس الأمن التي تتضمن كافة المسائل الإجرائية التي اعتمدت منذ إنشائه، والتي تشرح وتكمل القواعد الإجرائية المؤقتة التي وضعها أعضاؤه منذ 1946 و تقنن منهجية العمل بين أعضاء المجلس.
وهو ما يكشف نجاح ديبلوماسيتها المعتمدة في معالجة الملفات والقضايا المتعلقة بالقضايا المشتركة الدولية، الإقليمية والعادلة منها، فقد حققت مكسبا مهما لأعضاء مجلس الأمن، ما يعني أنها قضت على “أبارتايد الوثائق”، الذي كانت تقوده بعض الدول الأعضاء الدائمة به، من خلال اعتبارها أحقية الاطلاع على وثائق مجلس الأمن حكرا عليها دون غيرها، وأنه غير ممكن لبقية الأعضاء لاسيما الأعضاء غير الدائمين الاطلاع على كل الوثائق، عبر وضعها ضمن خاصية “سري”، وهو الوضع الذي لم تجده الجزائر منطقيا ولا مقبولا فعملت بحكمة ودقة متناهية أفضت إلى إلغاء هذا القرار الجائر والسماح للجميع بالاطلاع على كل الوثائق المتوفرة.
يشار إلى أن اعتماد المجلس مذكرة الرئيس تعدل المذكرة رقم 507 الشهيرة لسنة 2017، التي تنظم أشغاله، حيث تضمنت هذه الوثيقة المعتمدة في القسمين ال6 (التعاون والتشاور داخل المجلس) وال13 (الأعضاء المنتخبون الجدد)، إقرارا صريحا من طرف أعضاء المجلس بحق جميع أعضاء مجلس الأمن، دون تمييز، في الاطلاع الكامل على وثائق المجلس ذات الصلة بالمسائل محل الدراسة، مع تحديد دقيق للإجراءات المتعلقة بطلبات الاطلاع على بعض الوثائق.