فاطمة ب.
في عالم تتزايد فيه التهديدات وتتعدد فيه أشكال التدخل، تبقى السيادة الوطنية المبدأ الثابت والأساس الذي لا يُساوَم عليه. ومتى تعلّق الأمر بحدود البلاد، البرية منها أو البحرية أو الجوية، فإن أي مساس بها هو اعتداءٌ مباشر على الكيان الوطني، واستهانةٌ صريحة بحق الجزائر في حماية ترابها وأمنها ومواطنيها.
قرار الحكومة الجزائرية القاضي بإغلاق المجال الجوي أمام دولة مالي لم يكن مجرد رد دبلوماسي عابر، بل هو موقف سيادي صارم يعبّر عن أن الجزائر لا تقبل بخرق مجالها الجوي، لا بالطائرات ولا بالبيانات المغرضة التي تُسوّقها سلطات الأمر الواقع في باماكو، والتي باتت تهرب إلى الأمام لتغطية إخفاقاتها الأمنية والسياسية عبر افتعال الأزمات مع جيرانها.
الطائرة المسيرة المالية التي أسقطتها الدفاعات الجوية الجزائرية لم تكن الأولى، ولن تكون الأخيرة ما لم يتم وضع حدّ لهذه الاستفزازات المتكررة. ثلاث خروقات موثقة، مثبتة بالصور والبيانات التقنية، كانت كافية لتؤكد أن الأمر لم يكن خطأً عارضاً، بل تجرؤاً مبيتاً يرقى إلى تصرّف عدائي.
الجزائر، الدولة التي دفعت ثمناً غالياً للحفاظ على سيادتها ووحدتها الترابية، لا يمكن أن تسمح لأي كان، تحت أي ذريعة، بانتهاك حدودها. ومجالنا الجوي ليس مجرد خطوط في السماء، بل هو امتداد لسيادتنا، ورمز لقدرتنا على الدفاع عن أنفسنا، وردع كل من يستهين بثوابتنا.
ولأن الجزائر ليست دولة مغلقة على نفسها، فإنها كانت وما زالت تدعو إلى التعاون، الحوار، وحسن الجوار. لكنها في المقابل، لا تقبل لغة الاتهامات الباطلة، ولا الاستفزازات التي لا تخدم أحداً سوى الأطراف التي تريد جرّ المنطقة إلى مزيد من التوتر وعدم الاستقرار.
في النهاية، لا بدّ أن يفهم الجميع: السيادة الوطنية الجزائرية ليست موضوع نقاش، ولا مجالاً للتجربة أو المغامرة. ومجالنا الجوي… خط أحمر، لا يُمكن لأحد أن يتجاوزه دون أن يلقى الرد المناسب.