وهران

جمعية بنات الخير في مهمة اجتماعية وصحية: رعاية تربوية ونفسية لأكثر من 74 طفلا من ذوي الاحتياجات الخاصة

روبورتاج: م.جميلة

 
تواصل جمعية بنات الخير نشاطها المتميز في مجال دعم الأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة بوهران ، حيث تمكنت من التكفل بأكثر من 74 طفل يعانون من إعاقات مختلفة، وذلك من خلال رعاية تربوية ونفسية شاملة تهدف إلى مساعدتهم على الاندماج في المجتمع بشكل فعال.
 و في هذا الصدد، كشفت رئيسة الجمعية ميسيفي عمارية ل “كاب ديزاد” ، أن الجمعية لا تكتفي بتقديم تعليم بسيط للأطفال، بل تعتمد على برنامج متكامل يشمل الرعاية النفسية والدعم التربوي والتكفل السلوكي، و بإشراف فريق من المختصين في مجالات متعددة تشمل علم النفس، التربية الخاصة، النطق، والسلوك.
 
 حيث تهدف الجمعية، إلى خلق بيئة مناسبة وآمنة لكل طفل، مع احترام خصوصيات حالته الصحية والنفسية. وتعمل على مرافقة الطفل منذ استقباله، مرورا بتقييم حالته، ثم إدماجه في برنامج فردي يتناسب مع قدراته واحتياجاته.
 
أكثر من 90% من الأطفال تم إدماجهم
 
حققت الجمعية إنجازا لافتا في مجال التكفل بالأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة، إذ أظهرت الأرقام التي قدمتها رئيسة الجمعية، أنها نجحت في إدماج أكثر من 90 بالمئة من الأطفال الذين تتكفل بهم. هذا الرقم لا يعكس فقط فعالية البرامج التي تعتمدها، بل يؤكد أيضا التزام الجمعية العميق برسالتها الإنسانية والتربوية. ويعد هذا النجاح ثمرة جهود متواصلة وعمل دؤوب يقوم به فريق متعدد التخصصات.
 
 و تؤكد رئيسة الجمعية، أن السر وراء هذا المستوى العالي من الإدماج يعود بالدرجة الأولى إلى التركيز على الجانب النفسي للطفل، ومساعدته على تقبل ذاته قبل أي شيء آخر. فبناء الثقة بالنفس يعد الخطوة الأولى والأساسية في طريق الإدماج، وهو ما تحرص عليه الجمعية من خلال جلسات الدعم النفسي، والأنشطة التربوية الموجهة التي تركز على التفاعل الإيجابي مع الذات والآخرين.
 
وقد استقبلت الجمعية حالات صعبة للغاية، بعضها وصل إلى المركز وهو غير قادر حتى على الجلوس فوق الكرسي، لكن بفضل برامج التأهيل الفردية والرعاية المتخصصة، استطاع هؤلاء الأطفال تحقيق تطور ملحوظ، وأصبحوا قادرين على الجلوس بشكل مستقل، بل وتعلموا كيف يأكلون بأنفسهم، وهو إنجاز يعد ثمرة صبر ومثابرة الفريق العامل.
 
ولم تقتصر إنجازات الجمعية على الحالات العادية أو المتوسطة، بل تعدتها إلى استقبال حالات رفضتها مراكز أخرى لصعوبة وتعقيد وضعياتها. ومع ذلك، لم تتردد الجمعية في قبول التحدي، فعملت على دراسة كل حالة بشكل دقيق، وبناء خطة علاجية وتربوية خاصة بها، ما ساهم في إدماج هؤلاء الأطفال بشكل تدريجي وفعال، الأمر الذي يعكس المهنية العالية والنهج الإنساني الذي تتبناه الجمعية.
 
 
التوحد يمثل أكثر من نصف الحالات
 
تشير معطيات الجمعية إلى أن أكثر من 50 بالمئة من الأطفال الذين تتكفل بهم هم من المصابين باضطراب طيف التوحد. هذه الفئة تتطلب رعاية خاصة وتعاملا دقيقا، وهو ما أخذته الجمعية بعين الاعتبار من خلال اعتمادها لبرامج تأهيلية متخصصة.
تعتمد الجمعية على أساليب حديثة في التعامل مع الأطفال المصابين بالتوحد، مثل التحليل السلوكي التطبيقي وتقنيات تنمية المهارات الحياتية والاجتماعية. كما تنظم ورشات جماعية تساعد الطفل على الانخراط تدريجيا في أنشطة جماعية وتنمي لديه الثقة بالنفس.
وتحرص الجمعية أيضا على إشراك الأسرة في عملية التكفل، من خلال توجيه الأولياء وتدريبهم على كيفية التعامل مع أطفالهم بطريقة فعالة.
 
نشاطات تربوية وترفيهية موجهة للأطفال
 
تهتم الجمعية بتنظيم ورشات تربوية وترفيهية موجهة للأطفال، بهدف تطوير مهاراتهم وتنمية قدراتهم بطريقة ممتعة وتفاعلية. وتشمل هذه الورش أنشطة مثل الرسم والموسيقى والأعمال اليدوية والرياضة، وهي أنشطة تساهم في تحسين الحالة النفسية للطفل وتساعده على التعبير عن مشاعره.
يتم تصميم هذه الورش وفقا لاحتياجات كل فئة من الأطفال، وتنفذ تحت إشراف متخصصين في التربية والنشاط البدني. وتعتبر هذه الأنشطة فرصة ثمينة للأطفال للخروج من العزلة وبناء علاقات مع أقرانهم.
كما أن الجمعية تعمل على تعزيز العلاقة بين الطفل وأسرته من خلال تنظيم أنشطة تشاركية، تكون مناسبة أيضا لتدريب الأولياء على كيفية اللعب والتفاعل الإيجابي مع أبنائهم.
 
جلسات دعم نفسي وتكوين للأولياء
 
تولي الجمعية أهمية كبيرة لدور الأسرة في التكفل بالأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة، ولذلك تنظم لقاءات دورية لفائدة الأولياء بهدف توعيتهم وتكوينهم في كيفية التعامل مع أطفالهم بطريقة علمية وصحية.
تشمل هذه الجلسات مواضيع متعددة، مثل فهم طبيعة الإعاقة، طرق التعامل مع السلوكيات الصعبة، واستراتيجيات الدعم النفسي في البيت. وتوفر هذه اللقاءات أيضا مساحة للأولياء للتعبير عن تجاربهم وتبادل النصائح مع بعضهم البعض.
وتؤكد الجمعية أن الكثير من الأولياء كانوا يواجهون صعوبات كبيرة في تقبل مرض أبنائهم، لكن هذه اللقاءات ساعدتهم على تخطي مرحلة الإنكار والخوف، ومكنتهم من لعب دور إيجابي في حياة أطفالهم.
 
هذا و تواصل جمعية بنات الخير العمل بثبات وإصرار، ورغم كل التحديات تسعى إلى توسيع نشاطها من خلال شراكات مع مؤسسات وطنية ودولية، بهدف إنشاء مركز متكامل يهتم بكل مراحل التكفل، من التشخيص المبكر إلى الإدماج المهني مستقبلا.
وتطمح الجمعية إلى أن تصبح مرجعا وطنيا في مجال رعاية الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة، من خلال تطوير برامج تكوين مستمرة للمؤطرين، وتوفير أدوات تقييم وتشخيص متطورة تتماشى مع الخصوصية الثقافية والاجتماعية للبيئة الجزائرية.
وفي حديثها عن مستقبل الجمعية، تؤكد رئيسة الجمعية أن الهدف الأول والأخير هو تمكين الأطفال من حقوقهم كاملة، وإعادة الاعتبار لهم كأفراد فاعلين في المجتمع.
 و تؤكد أن قصة كل طفل تم إدماجه داخل الجمعية تمثل حكاية نجاح بحد ذاتها، وتظهر أن الأمل لا يزال ممكنا مهما بلغت التحديات. فبفضل العمل القائم على الحب، والصبر، والعلم، أصبحت الجمعية نموذجا يحتذى به في هذا المجال، ورسالة حية مفادها أن كل طفل، أيا كانت حالته، يستحق فرصة حقيقية في الحياة والاندماج.
الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

error: جميع نصوص الجريدة محمية
إغلاق