ثقافة
مكتبة الأطفال بدار الثقافة “زدور إبراهيم” بوهران… فضاء تربوي يستهوي الصغار ويغذي عقولهم

جميلة. م
تشهد مكتبة الأطفال بدار الثقافة “زدور إبراهيم” بولاية وهران إقبالًا متزايدًا من طرف الأطفال، ما يجعلها من أبرز الوجهات الثقافية التي توفّر للصغار بيئة محفّزة على المطالعة واكتساب المعارف، بفضل محتواها الغني من الكتب التثقيفية والقصص الممتعة التي تمزج بين التسلية والتعليم.
وتُعدّ المكتبة وجهة يومية لحوالي 20 طفلًا من مختلف الفئات العمرية، حيث يجدون فيها عالمًا من الحكايات والمغامرات التي تُنمّي خيالهم وتساعدهم على اكتساب مهارات جديدة في القراءة والفهم، وسط أجواء تجمع بين الهدوء والإبداع.
وفي تصريح خاص لـ”كاب ديزاد”، أكدت ناصري كلثوم، مسؤولة المكتبة، أن هذا الإقبال يعكس تعطّش الأطفال للمعرفة، ورغبتهم في استكشاف عوالم الكتب، خاصة في ظل توفر تشكيلة متنوعة من الإصدارات التربوية والترفيهية التي تناسب مختلف المراحل العمرية.
وأوضحت ناصري أن المكتبة تحتوي على عدد كبير من العناوين، تتنوع بين القصص المصورة، الكتب العلمية المبسطة، كتب الأنشطة، بالإضافة إلى موسوعات مصغرة تغطي مواضيع متعددة مثل البيئة، الفضاء، الحيوانات، والتاريخ.
ورشات ترفيهية وتعليمية… ومجال للإبداع
ولا تقتصر مهام المكتبة على إعارة الكتب، بل تتعدّاها إلى تنظيم ورشات قراءة جماعية، ورشات للرسم والتلوين، عروض حكايات تفاعلية، وألعاب ترفيهية، مما يجعل من المكتبة فضاءً متعدد الأبعاد، يُشجّع الطفل على الإبداع والتعبير عن الذات.
كما أشارت المسؤولة إلى إقبال بعض المدارس الابتدائية ودور الحضانة، حيث تُنظم زيارات دورية جماعية لفائدة التلاميذ، يُعرّفون من خلالها بعالم القراءة والمطالعة، مع العمل على غرس حب الكتاب في نفوسهم منذ الصغر.
وأكدت أن المكتبة تسعى باستمرار إلى تجديد رصيدها الوثائقي، في سبيل ترسيخ دور المؤسسات الثقافية في تنشئة الأجيال الصاعدة، وتعزيز عادة المطالعة لدى الأطفال، في عالم رقمي متسارع لا يغني فيه شيء عن الكتاب كرفيق معرفي دائم.
ما يميز مكتبة الأطفال بدار الثقافة “زدور إبراهيم” هو الجو العائلي والمريح الذي توفّره، حيث يعمل الطاقم المؤطر، وعلى رأسه السيدة ناصري، على استقبال الأطفال بابتسامة وترحيب، وتوجيههم حسب اهتماماتهم، مما يجعل من الزيارة تجربة تربوية وإنسانية فريدة.
نشاطات مكثفة خلال العطل وبرامج تثقيفية متواصلة
وفي سياق متصل، أكدت رئيسة المكتبة أن النشاط يتضاعف خلال العطل المدرسية، حيث يُسطّر برنامج ثري ومتنوع يضم عدة ورشات تكوينية وتحسيسية موجهة للأطفال، في إطار تربية جيل واعٍ ومسؤول يساهم في بناء مجتمع متوازن.
وتشمل هذه الورشات مواضيع حيوية تلامس اهتمامات الطفولة وتغرس فيهم قيم المواطنة، مثل حماية البيئة، التربية المدنية، النظافة، والوقاية من الأخطار، مع تقديمها بأساليب بيداغوجية تفاعلية تراعي احتياجات الفئة المستهدفة.
وأوضحت ناصري أن الهدف من هذه الورشات هو استغلال وقت فراغ الأطفال خلال العطل بما هو مفيد وممتع في آن واحد، من خلال الدمج بين الترفيه والتعلم، لتعزيز شخصياتهم وتطوير مهاراتهم الفكرية والاجتماعية.
وأضافت أن المكتبة تخصص يومي الثلاثاء والخميس من كل أسبوع لتنظيم ورشات ترفيهية وتحسيسية، يكون فيها التلميذ محور النشاط، عبر أنشطة عملية تعتمد على التفاعل والمشاركة، مع استغلال حديقة دار الثقافة كمجال مفتوح لإبراز مواهب الأطفال وترفيههم.
وكانت آخر هذه الورشات، ورشة لتعليم الأطفال كيفية غرس الأشجار، حيث تلقى المشاركون توجيهات عملية حول كيفية اختيار النبتة، تحضير التربة، وغرس الشتلة بطريقة صحيحة، مما ساهم في تنمية الحس البيئي لديهم، وشجعهم على حب الطبيعة والاهتمام بها.
وقد لقيت الورشة تجاوبًا كبيرًا من قبل الأطفال وأوليائهم، الذين عبروا عن إعجابهم بهذه المبادرة التربوية، مشيدين بدور المكتبة في تعزيز وعي النشء بقضايا البيئة والمجتمع.
كما أشارت رئيسة المكتبة إلى أن هذه الأنشطة لا تقتصر على العطل، بل يتم برمجة ورشات دورية على مدار السنة، تتماشى مع المناسبات الوطنية والمواضيع ذات البعد التربوي والثقافي.
وتسعى إدارة المكتبة، من خلال هذه المبادرات، إلى تحويل هذا الفضاء من مجرد مكان للمطالعة إلى مركز إشعاع ثقافي واجتماعي، يُساهم بفعالية في تنشئة جيل مثقف، واعٍ، وملتزم بقضايا مجتمعه.