جميلة.م
تستعد حاضنة الأعمال التابعة لجامعة وهران 2 محمد بن أحمد لإبرام اتفاقية تعاون مع الوكالة الوطنية لتثمين البحث والتكنولوجيا، في خطوة استراتيجية تهدف إلى تعزيز الابتكار وترقية ريادة الأعمال التكنولوجية، وتحويل نتائج البحث العلمي إلى تطبيقات عملية ذات قيمة اقتصادية وتجارية.
و حسب ما أفادت به مديرة الحاضنة “بن صالح نوال” في تصريح خصت به “كاب ديزاد” ، تأتي هذه الاتفاقية في إطار سلسلة الاتفاقيات التي تبرمها الوكالة مع عدة جامعات في خضم السياسة الوطنية الرامية إلى دعم اقتصاد المعرفة وتمكين الجامعة الجزائرية من أداء دور محوري في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، من خلال تثمين البحث العلمي وتحفيز روح المقاولاتية لدى الطلبة والباحثين.
و حسب نفس المصدر , تهدف الشراكة المنتظرة إلى تعزيز أداء الحاضنة الجامعية من حيث الجودة والكفاءة، من خلال الاستفادة من خبرة الوكالة في مواكبة حاملي المشاريع وتطوير النماذج الأولية، إضافة إلى تسويق مخرجات البحث العلمي والمساهمة في التكوين الموجه للمبتكرين ورواد الأعمال الجدد.
في هذا السياق، صرحت محدثتنا بأن الاتفاقية ستمثل “رافعة حقيقية لديناميكية الابتكار داخل الجامعة”، حيث ستمكن من توسيع نطاق الدعم التقني والتوجيهي الذي توفره الحاضنة، وفتح آفاق جديدة للتعاون بين القطاعين الأكاديمي والصناعي.
وأضافت أن الوكالة الوطنية لتثمين البحث والتكنولوجيا (ANVRT) تضطلع بدور أساسي في ربط مخرجات البحث العلمي باحتياجات السوق، وتوفير بيئة ملائمة لتجسيد المشاريع المبتكرة على أرض الواقع، في إطار رؤية شاملة تهدف إلى بناء اقتصاد وطني قائم على المعرفة والابتكار.
برنامج تكوين مستمر وهيكلة حديثة للحاضنة
و تشهد حاضنة أعمال جامعة وهران 2 نشاطا مستمرا على مدار السنة، حيث تستعد الحاضنة حاليا لاستقبال الدفعة 13.
إذ اشارت مديرة الحاضنة الى ان برنامج التكوين يبدأ في سبتمبر ويمتد الى غاية يوليو، ويتم استقبال دفعة جديدة من الطلبة كل شهر، منذ تأسيسها سنة 2022 في اطار القرار الوزاري 1275، و من ثم اعتمادها الرسمي في جانفي 2024،
وأكدت بن صالح ان السنة الجارية شهدت مجهودات كبيرة في اعادة هيكلة الحاضنة وتجهيزها بالمرافق والاجهزة الضرورية، وذلك بعد انتقالها الى مبنى جديد يتوفر على كل الوسائل التي تسمح بإعداد النماذج الاولية للمشاريع، بما في ذلك اجهزة كمبيوتر وتجهيزات الكترونية.
واشارت الى ان الحاضنة لا تكتفي بالتكوين النظري بل توفر ايضا مرافقة تقنية وتوجيه فردي للمشاركين، مما يعزز من قدراتهم في تحويل افكارهم الى مشاريع قابلة للتطبيق. واضافت ان هذه المرافقة تمتد حتى نهاية السنة بدعم من وزارة اقتصاد المعرفة، ما يتيح للطلبة وقتا كافيا للعمل على مشاريعهم.
وعي متزايد وريادة اعمال عبر جميع التخصصات
وقد سجلت الحاضنة خلال السنة الجامعية الجارية تنوع ملحوظ في طبيعة المشاريع، خصوصا في مجالات علوم التربية، الإرشاد النفسي، التكوين، والتنمية البشرية. وهو ما يعكس تطورا في وعي الطلبة بأن ريادة الأعمال لا تقتصر فقط على المجالات التقنية، بل يمكن أن تنشأ داخل التخصصات الاجتماعية والإنسانية أيضًا، وأن تكون ذات أثر فعلي في المجتمع والاقتصاد.
وفي هذا السياق، أكدت الاستاذة بن صالح أن “الصفة الاجتماعية للجامعة لم تكن عائقا أمام ظهور مشاريع مبتكرة، بل على العكس، شكلت مصدر إلهام للعديد من المبادرات التي تستهدف تقديم حلول واقعية لقضايا تربوية ونفسية، وتطوير خدمات موجهة للفئات المختلفة من المجتمع”.
وتعد هذه المشاريع ترجمة فعلية لفكرة الجامعة المنتجة، حيث يسعى الطلبة إلى تحويل معارفهم الأكاديمية إلى مؤسسات اقتصادية ذات طابع اجتماعي، تعمل في مجالات مثل الإرشاد النفسي المدرسي، برامج الدعم التربوي، مراكز التكوين الموجهة للأطفال وذوي الاحتياجات الخاصة، والتطبيقات التعليمية الموجهة.
من جهة أخرى، أوضحت الحاضنة أن دعم هذا النوع من المشاريع يشكل تحديا خاصا، يتطلب آليات مرافقة تتماشى مع طبيعة الميدان الاجتماعي، وتشجع على الابتكار ضمن إطاره، وهو ما تحرص عليه من خلال شراكات مع مؤسسات وطنية مثل الوكالة الوطنية لتثمين البحث والتكنولوجيا.
حيث لم تعد ريادة الأعمال حكرا على تخصصات التقنية، بل أصبحت ثقافة شاملة تتغلغل في مختلف الميادين الأكاديمية، وتمنح الطلبة فرصة للمساهمة الفعالة في التنمية الاجتماعية والاقتصادية من موقع اختصاصهم.
اكثر من 13 مشروع مرشح للحصول على وسم لابال، نظرة مستقبلية
وخلال الموسم الحالي، تم تسجيل 64 مشروع مؤسسة ناشئة، و20 مشروع مؤسسة تقليدية، اضافة الى 13 مشروع مرشح للحصول على براءة اختراع. وتعمل الحاضنة حاليا مع اصحاب هذه المشاريع على تطوير النماذج الاولية استعدادا لمناقشتها خلال شهر جوان.
كما اوضحت ان الطلبة لديهم رغبة قوية في استغلال الفرصة التي تمنحها الوزارة من خلال تمديد فترة التكوين الى غاية ديسمبر، وهو ما سيمكنهم من تحسين مشاريعهم والاستعداد جيدا لدخول عالم الاعمال.
من بين الاهداف التي تسعى الحاضنة لتحقيقها في المستقبل القريب، هو تعزيز التحسيس داخل الكليات والاقسام التي لم تتجاوب بعد مع مبادرات الحاضنة، خاصة معهد الصيانة والامن الصناعي. وقالت بن صالح ان هذا المعهد يعتبر قاطرة مهمة بالنسبة لجامعة وهران وان ادماجه في منظومة ريادة الاعمال سيكون له اثر كبير.
واضافت ان الحاضنة تطمح ايضا الى توسيع شبكة شركائها من المؤسسات الاقتصادية والصناعية، بهدف خلق فرص تعاون حقيقية بين الطلبة والمحيط المهني، مما يساعد على تجسيد المشاريع في الواقع وتحقيق الاندماج الاقتصادي والاجتماعي للجامعة.
وترى مديرة الحاضنة ان التكوين الذي توفره الحاضنة لا يهدف فقط الى تأطير الطلبة، بل الى تمكينهم من المهارات الاساسية لانشاء مؤسسات اقتصادية قادرة على المنافسة والابتكار.