مزاد... كاب ديزاد

وائل الدحدوح… جبل غزة

وردة. ق 
غزة أرض مستوية لا يوجد بها جبل، أبناؤها يقدمون الدروس الملحمية في هندسة المقاومة، فغيروا نظرة الناس للحروب وإدارة المعارك، وحققوا نجاحا استثنائيا في كشف ازدواجية الخطاب الغربي بشأن حقوق الإنسان، العدالة، القانون…
المقاومة الفلسطينية أجبرت الكيان المحتل على نزع ثوب الضحية والإبقاء على حقيقة وحشيته ودمويته التي تنافس همجية التتار، فلم يسلم من آلة قتله لا النساء ولا الأطفال، ولأنه احتلال وحشي، لم تكفه قوافل الشهداء المستمرة، فاتجه إلى المؤسسات الحيوية، دمر المستشفيات وهدم المدارس، وسوّى المجمعات السكنية بسطح الأرض.
ولأن التكنولوجيا فضحته عبر تناقل الصور والفيديوهات المصورة لجرائمه المرتكبة على المباشر، خصص الإعلاميين الذين ينقلون حقيقة ما يجري على أرض الميدان للعالم، بجزء من خطته الحربية، فأصبح يتفنن في قتل الصحفيين ورجال الإعلام بغزة، جعلت قائمتهم مفتوحة، بعد استشهاد أكثر من 109 صحفيا منذ 7 أكتوبر 2023 إلى اليوم.
غباء الاحتلال الصهيوني جعله يظن أنه بقتل هؤلاء الإعلاميين، سيخفي جرائمه ويطمس وحشيته، ويقضي على أصوات الحق وصورة الحقيقة، بيد أن الحقيقة هي أن هؤلاء الإعلاميين الشهداء أصبحوا أيقونات، تروي همجية احتلال بائس، خذل داعميه من مساهمين ومطبعين، وكشف هشاشته ورثّ تفكيره، بعدما أصبح الصحفي الشامخ “وائل الدحدوح” جبلا في غزة، يصعب تهديمه أو كسر عزيمته، أو ثنيه عن عقيدته المتشبثة بوطنه الفلسطيني، وما الإجهاز على عائلته واستشهاد زوجته، ابنه، ابنته، حفيده، فاستقبل الخبر بثبات، دفنهم وواصل حمل الميكرفون مستمرا في أداء عمله ونقل ما يجري على الأرض من جرائم ضد الإنسانية، فكان تصرفه العظيم، صفعة على وجه الاحتلال، الذي لم يهضم ما يقوم به “الصخرة وائل”، بعدما تحول إلى نموذج المناضل المقاوم المؤمن بعدالة قضية وطنه المسلوب، وتلقيه للمساندة والدعم عالميا، فحاول القضاء عليه، لكنه فشل بعدما أصابه بجروح فقط، لكنه قضى على زميله “سامر أبو دقة” أمام عينيه، فازداد قوة وصلابة، مما جعل العدو يزداد غيضا وحول تركيزه إلى “الجبل وائل” في محاولة للنيل من بسالته، بقتل ابنه البكر الصحفي “حمزة”، فلم يسقط “الجبل” بل ازداد شموخا، ورد بكلمة قاتلة: “معلش”. مختصرا آلامه وأحزانه في نظرة أسد شرس، يؤمن بقضية وطنه، لا هدف له غير إيصال حقيقة ما يمارسه الاحتلال المجرم في حق الشعب الفلسطيني.
“وائل الدحدوح” تحول إلى “جبل غزة”، غزة التي لا يوجد بها جبل، أصبحت غزة عائلته بعدما فقد كل أفراد عائلته ولم يبق معه سوى ابنته، تحول إلى عنوان الحرب على غزة، بعدما وصلت قصته الملهمة في الصمود إلى الشعوب والحكومات والهيئات والمنظمات، فعزته البشرية بما فيها الرؤساء، وباتت حكايته النضالية تغزو الشاشات والصفحات.
النصر لغزة والصبر والشموخ للدحدوح رغم المآسي والجروح.
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

error: جميع نصوص الجريدة محمية
إغلاق