وهران
أكاديمية الوهراني للدراسات العلمية بوهران تبحث تطوير الترجمة في اللغة العربية و دعوة لتدريس أخلاقيات استخدام الذكاء الاصطناعي

جميلة.م
ناقش مختصون سبل تطوير الترجمة في العالم العربي في الطبعة الثانية من شهر الترجمة في الجزائر، الذي اشرفت عليه أكاديمية الوهراني للدراسات العلمية والتفاعل الثقافي وبالتعاون مع المجلس الأعلى للغة العربية، احتفاء باليوم العالمي للترجمة.
أشرفت على هذه الفعالية البروفيسور سعاد بسناسي، رئيسة الأكاديمية وعضو المجلس الأعلى للغة العربية، و استاذة بجامعة وهران 1 ، حيث استمرت الأنشطة العلمية والثقافية طيلة شهر كامل، حملت شعار: “تلاقح الثقافات لبناء الحضارات”.
وقد شهد هذا الحدث العلمي مشاركة واسعة من الأساتذة والباحثين والمترجمين من داخل وخارج الجزائر، واحتوى على 25 محاضرة علمية تناولت قضايا الترجمة في علاقتها بالثقافة، والذكاء الاصطناعي، والتعليم، والدين، وغيرها من المجالات الحيوية.
خلص المشاركون إلى جملة من التوصيات الهامة التي تشكل رؤية استراتيجية لتطوير الترجمة في العالم العربي، مؤكدين أن الترجمة لم تعد مجرد نقل لغوي، بل صارت أداة فكرية ومعرفية تساهم في نقل العلوم وتلاقح الحضارات.
حيث تم التأكيد على ضرورة إعادة بناء أنظمة الترجمة الآلية على أسس لغوية وسيميائية، تمكن من فهم البنية العميقة للغة بدلا من الاكتفاء بالتحليل السطحي أو المطابقة اللفظية، وذلك بالاعتماد على المعالجة المفاهيمية والوظيفية للنصوص.
كما شددت التوصيات على أهمية دمج أدوات الذكاء الاصطناعي في تدريس الترجمة، مع التأكيد على تدريب الطلبة والأساتذة على استخدام تقنيات مثل (CAT Tools)، بالإضافة إلى تدريس أخلاقيات الذكاء الاصطناعي لضمان الاستخدام المسؤول له في المجال الأكاديمي.
ومن أبرز النقاط التي أكدت عليها التوصيات كذلك، ضرورة إنشاء مراكز بحث عربية متخصصة في الترجمة الآلية، تعمل ضمن سياسات لغوية موحدة، وتعزز من حضور اللغة العربية رقميا في الفضاء العالمي، إلى جانب اعتماد معايير موحدة لجودة الترجمة في قطاعات الإعلام والتعليم.
وفي سياق متصل، دعا المشاركون إلى تشجيع الترجمة التعاونية باستخدام المنصات الرقمية التي تدمج بين الكفاءة البشرية والأنظمة الذكية، بما يسهم في تحسين جودة الترجمة وتقليل الوقت والتكلفة.
كما تم التأكيد على أن العلاقة بين الترجمة والذكاء الاصطناعي يجب أن تقوم على التكامل لا الإحلال. فالذكاء الاصطناعي يعد مساعدا فعالا في إعداد المسودات، والبحث المصطلحي، والتعامل مع النصوص التقنية، لكنه لا يمكنه تعويض المترجم البشري في نقل الجماليات والسياق الثقافي والدلالات المجازية، خاصة في النصوص الأدبية والدينية.
وشددت التوصيات على أهمية الترجمة المتخصصة وضبط المصطلحات، خصوصا في المجالات العلمية والدينية. كما دعت إلى توجيه البحث العلمي نحو ترجمة معاني القرآن الكريم وعلوم التفسير، ضمن ضوابط شرعية ولغوية صارمة، مع التأكيد أن الترجمة لا تغني عن النص الأصلي، بل تساعد غير الناطقين بالعربية على فهم مضامينه.
وفي الأخير، أكدت التوصيات أن مستقبل الترجمة في العالم العربي مرهون بالتكوين المستمر، والتطوير التكنولوجي، والتعاون البحثي، في سبيل ترقية هذه المهنة النبيلة التي تعد ركيزة أساسية في بناء مجتمع المعرفة والانفتاح على العالم.