م ر
شهدت الجزائر العاصمة اليوم، حدثا غير مسبوق تمثل في تنصيب أول برلمان للطفل الجزائري تحت قبة المجلس الشعبي الوطني، بحضور كبار المسؤولين من بينهم رئيس مجلس الأمة، رئيس المجلس الشعبي الوطني، رئيسة المحكمة الدستورية، وزير التربية الوطنية، وزيرة العلاقات مع البرلمان، والمفوضة الوطنية لحماية حقوق الطفل.
ويضم هذا البرلمان ممثلين عن الأطفال من مختلف ولايات الجزائر، إضافة إلى أبناء الجالية الجزائرية بالخارج، وهو ليس مجرّد مبادرة رمزية، بل هو تجربة عملية تهدف إلى غرس قيم الحوار والديمقراطية في نفوس الناشئة منذ الصغر.
تنصيب أول برلمان للطفل الجزائري، خطوة تحمل في طياتها دلالات سياسية واجتماعية عميقة، فالدولة، وهي تمنح أطفالها منصة للتعبير، ترسل رسالة واضحة مفادها أن الديمقراطية ليست حكراً على الكبار، بل هي ثقافة يجب أن تغرس منذ الصغر.
وتهدف هذه التجربة إلى تعزيز ثقافة الحوار، حيث يتيح فرصة النقاش الحر وتبادل الآراء في مناخ ديمقراطي، وكذا تنمية روح المسؤولية في هذه الفئة بتدريبهم على اتخاذ القرار وتحمل تبعاته، بالإضافة إلى مشاركتهم في الشأن العام من خلال غرس قيم المواطنة والانخراط الواعي في قضايا المجتمع، والتربية على القيادة بإعداد جيل قادر على المبادرة وتحويل الأفكار إلى مشاريع وإنجازات.
برلمان الطفل يرمز إلى رغبة الجزائر في توسيع قاعدة المشاركة الشعبية لتشمل الفئات الناشئة، هو إعادة لاعتبار الطفولة عبر منحها فضاء للتعبير عن تطلعاتها، ما يعكس رؤية جديدة في إدارة الشأن العام، وهو رسالة للخارج، مفادها أن التجربة تعكس صورة الجزائر كدولة تسعى إلى بناء مؤسسات حديثة تراعي حقوق الإنسان والطفل، وأن صوت الطفل جزء من صوت المجتمع، وأن إشراكه في القرار يرسخ الديمقراطية.
برلمان الطفل هو تجربة تربوية تربي النشء على المواطنة، وتعلم الأطفال أن صوتهم مسموع وأنهم جزء من القرار الجماعي، وهي تجربة تنمي فيهم روح المسؤولية تغرس فيهم قيم الحوار، التفاوض، واحترام الرأي الآخر.
هو رسالة تؤكد من خلالها الدولة أن الديمقراطية تبدأ من المدرسة والبيت، وأن الطفل مواطن كامل الحقوق، إذ يفتح المجال أمام الأطفال للتعبير عن مشاكلهم وتطلعاتهم، كما أن مشاركة ممثلين من مختلف المناطق تعكس وحدة الهوية الجزائرية وتنوعها الثقافي.
تنصيب أول برلمان للطفل الجزائري ليس مجرد حدث بروتوكولي، بل هو إعلان عن بداية مرحلة جديدة في علاقة الدولة بمواطنيها الصغار، هي تجربة تزرع بذور الديمقراطية في عقول الناشئة، وتمنحهم الثقة بأن صوتهم مسموع وأن مستقبلهم يصنعونه بأيديهم.
برلمان الطفل الجزائري ليس مجرد قاعة يجتمع فيها الصغار، بل هو مدرسة للحوار، حيث يتعلمون أن الكلمة أقوى من الصمت، وأن المستقبل يُبنى بالنقاش والتوافق.