مزاد... كاب ديزاد
مواطن درجة ثانية في بلد حرية التعبير!

فرنسا أول مطلب لها عند حدوث جريمة بدولة مصنفة كبلد سائر في طريق النمو، هو الترويج الإعلامي لها على أعلى أوسع نطاق، وتطالب في حال ظهرت معارضة للنظام بإحدى هذه الدول بفتح الباب واسعا للتغطية الإعلامية لنشاطاتها وتوصيل كلمتها للشعب والعالم، وقد تتجاوز حدودها وتهم بإرسال لجنة تقصي الحقائق إذا كان الضحية أوروبيا، في رسالة مفادها عدم ثقتها في المصالح الأمنية لهذه الدول.
بينما كشفت معاملتها اليوم لوسائل الإعلام اتجاه ما يجري بالشارع الفرنسي، عن ازدواجية المعايير التي تقودها اتجاه القضايا المهمة، بعدما منعت الصحافة من تصوير ما يجري في مختلف مناطق فرنسا لاسيما “نانتر”، التي تشهد مواجهات عنيفة بين الشرطة والمحتجين على إثر مقتل الجزائري “نائل” على يد شرطي فرنسي، بعدما تبين أنه يقود سيارة مؤجرة بدون وثائق، وهي العملية التي كشفت النقاب عن فرنسا “العنصرية” التي لا تعترف بشعارات تعتبرها من أسس قيام دولتها، فلم تتوان في منع تصوير تلك المشاهد العنيفة، التي تكشف عنصرية الشرطة واستعمالها للغاز المسيل للدموع والضرب ضد المحتجين العزل، وتعمل كل ما في وسعها لتفريقهم، والمتابع لوسائل التواصل الاجتماعي يكتشف أن الأمن الفرنسي لم يمنع وسائل الإعلام من التغطية المباشرة بالتصوير لاستعمالها العنف ضد المحتجين، بل حتى لا تنقل تلك النداءات المدونة عبر الشعارات التي يحملها هؤلاء، والتي تكشف سياسة “المواطن من الدرجة الثانية” التي تعامل بها غير الأوروبي الأصل، فيضطر المواطن القادم من خارج حدود أوروبا الغربية إلى إخفاء اسمه والتواصل باسم مفبرك، حتى ينال عمل، أو يتلقى خدمة يفترض أنها متوفرة ومسموحة له، لكن لأنه ليس فرنسيا فهو على الهامش في بلد الحريات، وشعارات تطالب بالتعامل مع غير الفرنسيين بمبدأ المساواة في المواطنة، لاسيما وأن معظم المهن يشتغلونها غير الفرنسيين، والمساواة في الأجرة الشهرية والعطلة والمزايا الممنوحة للمواطن الفرنسي.
هذه هي حقيقة فرنسا المغلفة بشعار حرية التعبير والحريات العامة وحقوق الإنسان، ومقتل الجزائري “نائل” بتلك الطريقة يكشف الوجه الحقيقي لفرنسا المتوحشة، ما هو إلا الشجرة التي سقطت وكشفت فظاعة الغابة التي كانت تغطيها، وتجعل حقيقتها تظهر للعالم.
بقلم: وردة. ق