وطني
رسالة الجمهورية عبد المجيد تبون بمناسبة اليوم الدولي للتضامن مع الشعب الفلسطيني

“بسم الله الرحمن الرحيم
والصّلاة والسّلام على أشرف الـمرسلين،
وعلى آله وصحبه أجمعين إلى يوم الدين
ونحن نحتفي باليوم الدولي للتضامن مع الشعب الفلسطيني في ظروف خاصة، وأليمة يطبعها عدوان الاحتلال الهمجي على قطاع غزة والأراضي الـمحتلة، نجدد بـهذه الـمناسبة التأكيد على التزام الجزائـر الثابت بدعم الكفاح المشروع للشعب الفلسطيني، وقضيته العادلة في سبيـل استرجاع كافة حقوقه غيـر القابلة للتصرف أو الـمساومـة، وعلى رأسها حقه في إقامة الدولة الفلسطينية الـمستقلة على خطوط الرابع من جوان 1967 وعاصمتها القدس الشريف، وفق القرارات الأممية والمرجعيات الدولية ذات الصلة.
إنّنـا، وإذ نستذكر بإجلال التضحيات الجسيمـة للشعـب الفلسطيني ومعاناته الطويلة مـن الـمكـائـد والمحن التي استـهدفـتْ أرضه ووحدتـه ومقـدّساته، نتوجه بتحية إكبار إلى هـذا الشعب الصامد رغم كل الانتهاكات الفظيعة التي يتعرض لها، والمحاولات اليائسة لتصفية قضيته، والإجهاز على الأسس التي يُمكن أن يقوم عليها أي حلٍّ يضع حدًّا للاحتلال، وينهي مأساة الأشقاء الفلسطينيين.
يــأتي هذا اليوم التضامني في سياقٍ يُواجه فيه الشعـب الفلسطيني في ربوع أراضيه، لاسيما فـي قطـاع غزة، عُدوانًــا إجراميًا فظيعًـا يَستـهدف تصفيته عرقيا، الاحتلال الصهيوني الذي فشل في إطفاء شعلة النضال والكفاح في قلب هذا الشعب الصامد، يحاول هذه المرة من خلال ارتكاب جرائم شنيعة من مصاف الجرائم ضد الإنسانية والفصل العنصري وجرائم الإبادة إلى إزالته وجوديا، وهو وضعٌ يُضاف إلى الحصار الجائر المفروض على قطاع غزة، ويشكل إمعانا في التقتيل والتدمير والتجويع والتيئيس وضربا للإنسانية في صميم مبادئها.
يحدث كل هذا في وقتٍ يُظهر فيه الـمجتمع الدولي، وأجهزة منظمة الأمم الـمتحدة الـمختصة، فشلا معيبـا وخطيـرا في إيقاف آلة الحرب الجنونية الـمسلطة على شعبٍ أعزل، وهو ما يضع على عاتقنا نحن دعاة السلام العادل، مسؤولية بذل الـمزيـد من الجهود، والعمل على إعـلاء مبادئ ومقاصد ميثاق الأمم الـمتحدة، وتوفير الحماية اللازمة للشعب الفلسطيني، ووضع حـدٍّ للظلم التاريخي الـمُسلَّط عليه، وعلى التَّحرُّك الفـــوري والعاجل من أجل إنقاذ مسار السلام الذي يعرف انسدادًا غير مسبوق، ولن يكون ذلك ممكنا إلا من خلال إجبار الاحتلال على الانصياع لقرارات الشرعية الدولية، والالتـزام باحترام قواعد القانـون الدولي، والـمضي قدما فـي تعزيز الـمكاسب القانونية والدبلوماسية للشعب الفلسطيني، خاصة من خلال تكثيف الجهود لتمكيـن فلسطين من الحصول على العضوية الكاملة في منظمة الأمم الـمتحدة.
بـهذه الـمناسبة، أُجدد رفض الجزائر التّام لكل المحاولات الرّامية إلـى طَمْسِ هذه القضية العادلة، سواء من خلال فرض سياسة الأمر الواقع التي يسعى الاحتلال عبـرها إلى الـمساس بـ هوية المقدسات الإسلامية والمسيحية في الأراضي الـمحتلة، أو تغيير تركيبتها الديمغرافية عبـر سياساته الاستيطانية، أو محاولات القفز على حقائـق التـاريخ والشرعية من خلال صفقات وهمية لن تغيـر من جوهر القضية شيئا، بل إن مصيرها كما أكدته كل التجارب التاريخية السابقة، آيل إلى الزوال ولو طال الزمن.
ختاما، أودُ أن أؤكد أن الجزائر التي دفعتْ الثمن غاليا لاستعادة سيادتها واستقلالها، والتي كانت أرضها شاهدة على إعلان قيام الدولة الفلسطينية قبل خمس وثلاثين سنة، ستبقى على العهد داعمةً لقضايا التحرر ولن تَأْلُو جهـدًا في دعم صمود الشعب الفلسطيني حتى ينال حقوقه كاملةً غير منقوصة.
والسّلامُ عليكُم وَرحمةُ اللهِ تعالى وبركاته”