مزاد... كاب ديزاد
افريقيا تستعيد افريقيتها…

ما يحصل في إفريقيا ليس غريب ولا عجيب، وإنما هو أمر واقع، فرضه الوعي المتقدم للشعوب الافريقية، وقدرة نخبتها على التفكير خارج الصندوق.
فإفريقيا أكثر القارات تعرضا للانقلابات العسكرية، لكنها انقلابات غالبا ما كانت بإيعاز غربي، تزيح الحاكم الذي يهدد مصالح أوروبا وأمريكا بالمنطقة، تصل حد الاغتيالات. أما انقلابات اليوم، فهي مساندة من طرف الشعوب الافريقية، لأنها أصبحت أكثر وعيا ومعرفة بما يحصل ببلدانها، بعدما اتضح بالكاشف أن فرنسا (بحكم أنها أكثر الدول الأوربية استعمارا لافريقيا) لازالت تمارس غطرستها الاستعمارية بكل وحشية، وتتفنن في التعامل مع حكام افريقيا باستعلاء، رغم أنها ناهبة لثروات شعبه، واضطهادها للتنمية بإفريقيا، كان السبب الرئيسي وراء اختيار الأفارقة لحل العجرة غير الشرعية، عبر ركوب أمواج البحر وتعريض أرواحهم للموت والأخطار.
الشعوب الافريقية فهمت اللعبة جيدا، وتأكدت أن الغرب همه من خلق عدم الثقة بين الإفريقي وحكامه، هو ضمان بقاء التظام الحاكم في خدمة مصالحها على حساب مصالح الشعب، على غرار “النيجر” الذي يغذي فرنسا باليورانيوم لاستغلاله في توليد الكهرباء، بينما يعيش 17 مليون من شعبه تحت خط الفقر، لكن المجلس الرئاسي المنصب منذ يومين بعد الانقلاب على الرئيس “بازوم”، أول خطوة اتخذها هو قطع تموين فرنسا باليورانيوم.
خروج النيجيريين اليوم في مسيرة مليونية داعنة المجلس الرئاسي الانتقالي، وحمل أعلام الدول التي حذرت من اللجوء إلى استعمال السلاح، على غرار الجزائر وروسيا، يكشف أن الجزائر أصبحت لاعيا أساسيا في القارة السمراء، حتى يتم إعادة افريقيا للأفارقة، وعبرت عن ذلك صراحة، بعدما أكدت أنها مع عودة الشرعية الدستورية إلى بلد النيجر، لكنها لم تخص الرئيس السابق “بازوم” وإنما هناك شخص ما سيجمع تأييد النيجريين، بعدما أصبح الرئيس المقال “بازوم” غير مقبول من طرف الشعب. سبق وأن عاشت مالي وبوركينافاسو نفس خطوات الانقلاب، والدور آت على باقي الدول، التي قررت شعوبها الانعتاق الكلي من براثن الاستعمار، والقضاء على الاستغلال الفرنسي الشنيع لثروات بلادهم.
يذكر أن الجزائر انطلقت في تثبيت نفسها كلاعب أساسي في المنطقة، بعدما أعلنت أنه حان الوقت لتغيير التعامل بالعملة ورغبتها في الانضمام إلى البريكس، وقرارها بإنشاء صندوق مالي لدعم دول افريقيا، وتأكيدها في كل مرة أن افريقيا للأفارقة.
وتبقى الأيام القادمة كفيلة بحمل الاجابة الدقيقة عما يحصل اليوم من تطورات وارتباط ذلك بالتغيرات الدولية الحاصلة.
بقلم: وردة. ق