وهران

عائلة حيان فاطمة بوهران تُذكّر بأقدم ملف سكني يعود إلى 1975 ينتظر الإستفادة من السوسيال: ظروف اجتماعية قاهرة تستحق الالتفاتة 

ح/نصيرة

على الرغم من كبرى عمليات الإسكان التي شهدتها دائرة وهران، منذ 2021، لفائدة 5300 مستفيد وهي الحصة التاريخية التي عهدت تخليص مواطنين من أزمة السكن، والقضاء عمليا على ملفات السبعينات والثمانيات، والتسعينات كذلك، إلا أن بعض الحالات وأمام تجاوز مرحلة الطعون تجد نفسها فعلا مقصية ومحرومة من السكن الجديد بينما يُعد ملفها من أقدم الوثائق التي يعود إيداعها إلى 1975، ويتعلق الأمر بعائلة السيدة فاطمة حيان زوجة عراج والتي كلفتها الظروف الإجتماعية القاهرة إلى الطلاق علما أنها قبل الإنفصال عن زوجها كانت قد قامت بتحيين الملف وأعادت تشكيله باسمها منذ 2002 قبل أن تجد نفسها مقصية بدعوى أنها مطلقة.

مقصية بدعوى أنها مطلقة؟

و حياة عائلة الأم حيان وأبنائها لا تقل وزنا عن أي عائلة تستحق للسكن الإجتماعي، يكفل عيشها في دفئ عائلي وكرامة، وهم من صارعوا ظروفا قاسية ومتعبة في بيت آيل للإنهيار أكلت جدرانه الرطوبة وتصدعات الجدران التي لا تخفى عن الأعين لتدل الوضعية بوجود خطورة لإنهيار أجزاء البناية في أي لحظة، وهذا البيت الذي تشغله العائلة الواقع في قلب 29 شارع معواد أحمد -ميروشو- يتشكّل من غرفتين ضيقتين، لا تقدر أجسام و أقدام كبار أن تصمد بالبقاء فيه خشية من التأثير على الأرضية التي أصبحت معوجة وانزلقت منذ فترات، لتنذر بأن المكان غير قابل للإيواء.

نعاني أزمة السكن منذ 1969

هذا البيت الهش المتواجد في الطابق الأرضي، تابع لملكية خواص، وتشغله بالإيجار شهريا عائلة الأم حيان البالغة من العمر 73 عاما منذ 1969.

إزاء هاته الوضعية، يُراود حلم السكن الأم وأبنائها، إذ ظلت بوجه حزين تأمل في كل مرة تسمع فيها عن وعود تخليص العائلات من أزمة السكن، وخاصة التخلص من ملفات تعود إلى فترة السبعينات، في أن تكون ضمن قائمة المستفيدين، باعتبار أنها آنذاك كانت من الحالات التي ثبّتت  بناء على وصل إيداع، بوضع ملفها في ديسمبر 1975، باسم الزوج، إلا أن الأقدار شاءت أن ينفصل الطرفان عن بعضهما بسبب الظروف الإجتماعية في العام 2005، ولكن قبله في سنة 2002، تقول السيدة حيان أنها لجأت إلى -حي قومبيطا- حيث كان جاري التكفل بإيداع ملفات “السوسيال” وقامت بإيداع ملفها باسمها، أملا في الإستفادة في سكن جديد.

والسيدة حيان التي تتقاضى كما أفادت به لنا منحة “الشوماج” بما لن يمكنها حتى في تسديد أتعاب الكراء الشهرية، لم تترك بابا إلا وطرقته، خاصة منذ إيداعها طعنا في حصة السكن الإجتماعي بدائرة وهران، عساها تصحّح خطأ وارد أسقط ملفها الغابر.

والي وهران أسدى أوامر للتكفل بدراسة الحالة الإجتماعية

 وهي مع كل الأبواب التي طرقتها بمقر الدائرة والولاية، تضع أملا كبيرا في تدخل والي وهران، بعد أن كان جديا في يوم لقاء المجتمع المدني الأخير بالمسجد القطب عبد الحميد بن باديس، أين استمع إلى تفاصيل غبْنها ووقوفه لأجل دراسة أقدم ملف يعود إلى 1975كان قد أقصي بحجة أنها امرأة مطلقة، حيث أمر بالتكفل للنظر في حالتها.

وهي اليوم تذكّر من خلال “كاب ديزاد” بأنها حالة اجتماعية خاصة، ما ذنبها إن تطلقت منذ 18 عاما وكانت قبل ذلك بأعوام قد لجأت إلى وضع ملف اجتماعي باسمها (2002)، حيث تجد نفسها تحت الأنقاض في بناية تابعة لخواص في 29 شارع ميروشو.

المغلوب على أمرها تعيش يوميات قاسية في بيت مهددة فيه بالطرد من صاحب البناية في أي لحظة، ولا هي ولا أبنائها فكروا يوما في أن يطرحوا انشغالهم في أزمة السكن بشكل هستيري، أو الإستنجاد بالفوضوي، ففضلوا تحمل هشاشة البناية والرطوبة الخانقة، وأسقف الموت على ذلك.

الأم حيان فاطمة أظهرت لنا حزمة من الوثائق والتي تآكلها الإصفرار لتدل عن قدمها، وكتابتها بالكاد تبقى، حيث محا بعض مفرداتها الزمن، لتدل فوق كل هذا أن هناك ملف غابر أصحابه على قيد الحياة ويعيشون للحظة يتم فيها الإفراج عن غبنهم شأنهم شأن أي عائلة مغبونة في وهران تقاسي من العيش في بنايات الخواص منذ 6 عقود من الزمن، وبكل بساطة وتنهديات رادفها أنين السيدة حيان نظرت إلينا بوجه حزين فقالت: ألا يحق لي وأنا في عمر 73 عاما أن أكمل حياتي تحت سقف بيت جديد يأويني…أنا منذ سن 23 عاما أنتظر هذا الحلم”.

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

error: جميع نصوص الجريدة محمية
إغلاق