منوعات

الإعلامي والأكاديمي “عباسة جيلالي” لكاب ديزاد: “هذا هو دور التكنولوجيا في رئاسيات الجزائر وعلاقتها بالإعلام”

انتهت الانتخابات الرئاسية الجزائرية منذ ساعات فقط، بعد 21 يوما من الحملة الانتخابية، التي اختلطت بين لقاءات مباشرة مع المواطنين ومشاركات عبر مواقع التواصل الاجتماعي، فاختار موقع “كاب ديزاد” الإلكتروني العودة إلى هذا الحدث الهام، محاولا تسليط الضوء على دور التكنولوجيا في هذه الانتخابات وعلاقة الإعلام الجزائري بالتكنولوجيا الرقمية، من خلال حوار خاص مع الكاتب، الإعلامي والأستاذ بقسم الإعلام والاتصال بجامعة وهران 1 أحمد بن بلة، الأكاديمي “جيلالي عباسة”، هذه تفاصيله:
• هل كان لمواقع التواصل الاجتماعي دور في الانتخابات الرئاسية؟
معروف أن وسائل الإعلام عبر التاريخ عُرِفت بتأثيرها على توجهات الناس  وتأثيرها على خيارات وأفكار الناس وسلوكاتهم الاجتماعية. وهناك دراسات تقول أن وسائل الإعلام بإمكانها أن تغير موقف شخص من مساند إلى معارض ومن معارض إلى مساند. 
فوسائل الإعلام لها القدرة والتأثير على سلوك المتلقي، ويكون ذلك من خلال الإقناع والحجج التي تقدم له. وأيضا بالوسائل المستخدمة كالصورة، الفيديو، وكل الوسائل والأشكال الاتصالية وطريقة شرح برامج المترشحين، أو الاعتماد في الانتخابات خاصة مواقع التواصل الاجتماعي على ما يسمى ب”قادة الرأي” الذين لهم تأثير ولهم الكثير من المتتبعين، والتأثير لا يكون لصالح مترشح أو مترشح آخر، لكن يكون التأثير عبر رفع مستوى الوعي للمشاركة في الانتخابات اضافة إلى تعزيز حظوظ المنافسة الانتخابية. 
فوسائل الإعلام أو التواصل الاجتماعي ازدادت أهميتها كوسيلة للدعاية والحملات الانتخابية، ليس كونها وسائل واسعة الانتشار أو لأن لها جمهورا كبيرا أو لأنها مجانية، لكن ازدادت أهميتها لازدياد الدعاية نفسها. إذن فالدعاية الانتخابية أصبحت من مظاهر الممارسة الديمقراطية في العالم، ولهذا فاليوم أصبحت الانتخابات تعتمد على وسائل التواصل الاجتماعي أو الاتصال أو الإعلام الرقمي، لما له من دور كبير وتصاعد الاهتمام السياسي بشبكات التواصل الاجتماعي. نحن نعرف في الانتخابات الأمريكية الماضية “ترامب” مع “هيلاري كلينتون”، الرئيس السابق “ترامب”، صرح قائلا: “أنا نجحت في الانتخابات بفضل مواقع التواصل الاجتماعي”. 
ولهذا لوسائل التواصل الاجتماعي التأثير الكبير في توجهات الانتخابات نفسها وعلى  توجهات المتلقي لفائدة هذا المترشح أو ذاك. 
لكن التأثير هذا ليس من أجل الشبكة فقط ولكن تأثير يعتمد على كثافة المنتجات والمضامين التي تنتشر عبر وسائل الاتصال هذه وعلى الوسائل المعتمدة، ونعلم أنه يوجد الإعلام والإعلام المضاد، وهناك اتصال لصالح المترشح وآخر مضاد له، مثلما يحدث في الانتخابات الأمريكية حاليا، وبالتالي فالمخطط الاتصالي المعتمد للمترشح والمضامين التي يعتمدها خلال الممارسة الانتخابية كالصور، الفيديوهات…..
• بناء على واقع اليوم، هل يمكن أن تكون التكنولوجيا محورية في إدارة الانتخابات القادمة (تشريعيات ومحليات)؟
بالنسبة لمحورية التكنولوجيات الاتصالية في الانتخابات القادمة، فإن طبيعة الانتخابات المحلية تختلف عن الانتخابات الرئاسية لأن استعمال تكنولوجيات الاتصال كمواقع التواصل الاجتماعي، تعتمد خاصة على دراسة الجمهور، فالجمهور المحلي يختلف عن الجمهور الوطني، فالتأثير على الجمهور المحلي لا يعتمد كثيرا على وسائل التكنولوجيات الرقمية وإن يكن لها تأثير، لكن هذه الانتخابات تعتمد دائما على الطريقة التقليدية على غرار الالتقاء في الشارع، الحملات الجوارية، المهرجانات، تقديم الاغراءات والوعود، فتختلف خاصيتها. إضافة إلى أنه عند حديثنا على الانتخابات المحلية نتكلم عن مجتمع متماثل في درجة الوعي، لأن درجة الوعي تختلف، وتقريبا الناس تنتخب من أجل مصالح ذاتية شخصية وليس من أجل مصالح وطنية او إقليمية، فالتأثير لا يكون، وهناك عامل آخر وهو مشكلة الأخبار الزائفة أو ما يعرف بالفايك نيوز، فهي تؤثر كثيرا سواء الانتخابات الرئاسية أو المحلية، تؤثر أولا لأننا نتعامل مع مجتمع ليس على درجة عالية من الوعي أقصد الأغلبية، ثم أنني قلت أن شبكات التواصل الاجتماعي تعطي تقنيات تسمح لك بتزييف الصورة، الموضوع، المضمون ولهذا لما نتحدث عن المثال السابق ومشاركة “ترامب” في الانتخابات السابقة، كانت حوالي 4 مليون تغريدة كلها من حسابات وهمية أي أنها صناعة أخبار زائفة، واليوم هناك مؤسسات تعمل على صناعة أخبار زائفة وخاصة حتى في المجتمعات الغربية، أصبح حتى المستمعين والمتتبعين عبر مواقع التواصل الاجتماعي ليس لهم القدرة على تمييز الأخبار الزائفة، هناك دراسة في أمريكا في 2021، أثبتت أن 70% من متتبعي الأخبار والمحتويات عبر وسائل التواصل الاجتماعي يتلقون أخبار زاىفة ولا يستطيعون تمييزها عن الاخبار الحقيقية ويقومون بإعادة نشرها، فيساهمون في نشر الأخبار الزائفة، وهناك دراسة أخرى تقول أن الأخبار الزائفة تنتشر ب10 مرات مقارنة بالأخبار الحقيقية، فهناك مشكل كبير. 
وتبقى الانتخابات المحلية لا تشبه الانتخابات الرئاسية بالنسبة للجزائر،  هذا عندما نتحدث عن جمهور اتصالي، فلابد أن نتكلم عن جمهور، هدف ووسائل مستخدمة في الاتصال، لما نتحدث عن مجتمعات أخرى، فيها نسبة تطور تكنولوجيا بلغ درجات عالية يكون التأثير مرتفع حتى بالنسبة للانتخابات المحلية. 
• هل وصل الوعي الجزائري إلى مستوى اعتماد التكنولوجيا في اتخاذ قراراته المصيرية على غرار الانتخابات؟
فيما يخص موضوع الوعي بالنسبة للمجتمع الجزائري أو أي مجتمع، بالنسبة لأخذ قراراته المصيرية من مواقع التواصل الاجتماعي، فأنا أعارض هذه الفكرة، لأن الوعي يقول أننا لا نعتمد على هذه المواقع إلا إذا كانت لدينا القدرة على التمييز بين الأخبار الصحيحة والأخبار الزائفة، ثم تكون لنا القدرة فنعرف كيف نبحث عن المصادر التي لها مصداقية فاليوم الكثير من الأخبار الزائفة المحرفة في مختلف المجالات، وخاصة لما نتحدث عن الأمور التي تمس الجزائر أو تمس الجانب العقائدي التي تمس بالأمن العقائدي، فيجب علينا الحذر من الاعتماد على هذه الأخبار إلا إذا ميزنا بين مصداقية وزيف الأخبار ومصدرها. 
أنتهز الفرصة هنا لأقول أنه لابد على المتخصصين في مختلف المجالات، أن يمارسوا أو يساهموا في تصحيح هذه الاختلالات وفي توضيح هذه الأخبار الزائفة، فهي مسؤولية اجتماعية، حتى لا نترك شبابنا أو الكثير من الناس ليكونوا ضحية لهذه الأخبار الزائفة، إذن لا يمكننا الاعتماد على وسائل التواصل الاجتماعي على اتخاذ قرارات مصيرية إلا إذا كانت هذه المحتويات الإعلامية نثق في أنها تأتي من مصادر موثوق بها، ثم يمكن هنا دعوة أيضا المجتمع الجزائري أنهم يكثفون من إنتاجات المحتويات الإعلامية، اليوم نعيش في حرب إعلامية على مواقع التواصل الاجتماعي، وقد أثبتت كيف استطاع الإعلام الرقمي أن ينتصر أو يهزم الإعلام التقليدي وما حدث في الاعتداء الصهيوني على غزة، دليل على كيف أن الإعلام الرقمي استطاع أنه يوصل الرأي والحقائق إلى المجتمع العالمي، وكيف أن مجتمعات كانت مساندة للكيان الصهيوني انقلبت وتخلت عن مواقفها وتحولت إلى مساندة الطرف الفلسطيني، وعليه على كل واحد منا ومن موقعه، العمل على نشر الوعي والدفاع عن الوطن والقيم والمبادئ التي تميز المجتمع الجزائري. 
• فيما يتعلق بالإعلام، هل أصبح الإعلام الجزائري يستغل التكنولوجيا بشكل جيد في مثل هذه الأحداث الهامة؟
الإعلام الجزائري أو بالأحرى الصحافة الجزائرية، عرفت قفزة نوعية في مجال استخدام الوسائل التكنولوجية الحديثة في مجال الإعلام، فاليوم لم نعد نفرق بين صحافة مكتوبة وسمعية بصرية، فالتلفزيونات أصبحت لديها مواقع تعمل على نشر معلومات مكتوبة، فأصبحت تمارس كل أنواع الصحافة، أيضا الصحف أصبحت لها مواقع اتصالية تنشر فيها الصور والفيديوهات. 
إذن هناك استغلال كبير للتكنولوجيا الاتصال والإعلام، لكن ما ينقصنا في هذا الجانب هو التكوين المتواصل، ما يساعدنا على التحكم في هذه التكنولوجيا، لأن الكثير من الإعلاميين لا يستطيعون التحكم في التكنولوجيات الحديثة، التي بالفعل تقدم مزايا كبيرة أولا في الكتابة، الإخراج، الصور، والسرعة في تقديم الخبر. إذن فهي مهمة جدا بالنسبة لاستخدامها في كل المجالات. وأعيد القول بأن الصحافة الجزائرية عرفت قفزة نوعية وللمواطن، لما نتحدث اليوم عن صحافة المواطن، المواطن الذي أصبح يقوم بنشاط صحافي وإن كان ليس صحافيا، لأنه لا يتحمل مسؤولية سياسية ولا مسؤولية اجتماعية، ولا يتحمل حتى مسؤوليته على نشر الخبر ولا يعتمد على مصادر حقيقية ومصادر ذات مصداقية.
• كيف ترى مستقبل الإعلام التقليدي في ظل التطور التكنولوجي الحاصل؟
بالطبع، كما قلت سابقا، هناك انتقال رقمي لأن كل مؤسسات الاتصال تعمل على الانتقال إلى الإعلام الرقمي باستخدام وسائل تقنية رقمية جديدة في توزيع المادة الإعلامية، في توزيع الأخبار، غير أنه يوجد إشكال يجب التطرق إليه في هذا الجانب وهو قضية فنيات التحرير الصحفي، ففنيات التحرير الصحفي التي كنا ندرسها بالجامعة ونعمل بها في مهنتنا الصحفية، في الإعلام الرقمي تتغير تماما، هناك فنيات أخرى تعتمد على عنصر التشويق، والاختصار في سرد المعارف، وأيضا تعتمد أن الأهم الذي يأتي في الرسالة الإعلامية يكون في الخاتمة عكس ما يكون في الإعلام التقليدي يكون في المقدمة الإخبارية ويكون تشويقا للقارئ، بأنه تدريجيا يتابع الخبر، إذن فهناك الكثير من الذين يعملون منذ مدة طويلة في الصحافة التقليدية يجهلون هذه الفنيات الجديدة التي تستخدم في الإعلام الرقمي والتي هي ضرورية حتى تحقق الجاذبية لدى المتلقي. 
• كلمة أخيرة…
 شكرا على هذه الاستضافة وبالتوفيق إن شاء الله. 
حاورته: غزالة. ق
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

error: جميع نصوص الجريدة محمية
إغلاق