وهران

أكاديمية الوهراني للدراسات العلمية والتفاعل الثقافي تناقش موضوع “حضور مجازر الثامن ماي في المشهد التعليمي والثقافي”

جميلة.م
 
ناقشت أكادمية الوهراني للدراسات العلمية والتفاعل الثقافي، يوم الخميس، موضوع “حضور مجازر الثامن ماي في المشهد التعليمي والثقافي”، من خلال ملتقى وطني نظم عبر تقنية التحاضر المرئي عن بعد، تخليدا للذكرى 80 لمجازر 8 ماي 1945، بالتعاون مع عدة جامعات ومخابر بحث وطنية.
وقد جاء تنظيم هذا الملتقى بالتنسيق مع المدرسة العليا للأساتذة آسيا جبار بقسنطينة، ومخبر اللهجات ومعالجة الكلام بجامعة وهران 1، ومخبر المعالجة الآلية للغة العربية بجامعة تلمسان، ومخبر اللسانيات واللغة العربية بجامعة بسكرة، إلى جانب مخبر اللسانيات وتكنولوجيا التعليم وقضايا الأمن اللغوي بالمركز الجامعي آفلو.
وفي كلمتها الافتتاحية، أكدت البروفيسور سعاد بسناسي، رئيسة الأكاديمية والمشرفة العامة على الملتقى، أن مجازر الثامن ماي تشكل لحظة مفصلية في الذاكرة الوطنية، يجب أن تظل حاضرة بقوة في المناهج الدراسية والإنتاج الأدبي والفكري كرمز للمقاومة والتضحية.
 و أضافت  أن مجازر الثامن ماي 1945 ليست فقط محطة مأساوية، بل تمثل أيضا نقطة انطلاق جديدة في مسيرة الجزائر نحو الحرية، وكانت مقدمة لاندلاع ثورة نوفمبر المجيدة. وأكدت على ضرورة الاستفادة من هذه التجربة في تعزيز الهوية الوطنية وبناء وعي تاريخي عميق يدعم مشاركة المواطن في بناء مستقبل أفضل للجزائر.
تضمن الملتقى مداخلات علمية من باحثين وأساتذة جامعيين ركزوا على حضور هذه المجازر في الكتابات الشعرية والنصوص الأدبية، ودورها في ترسيخ الوعي الوطني وتعزيز الانتماء، مؤكدين أن توظيف التاريخ في التعليم والثقافة هو مسؤولية مشتركة بين المؤسسات الأكاديمية والمجتمع.
ومن بين المحاور التي ناقشها المشاركون، دور المؤسسات التربوية في إيصال الذاكرة التاريخية للأجيال، وضرورة إدماج أحداث المجازر الاستعمارية ضمن المقاربات التعليمية الحديثة، إلى جانب إبراز مساهمات الأدباء والمثقفين في توثيق هذه المحطات عبر أعمالهم.
ترأست أشغال الملتقى كل من الدكتورة عويشة إمكراز والدكتورة فاطمة كجعوط، اللتين شددتا على أهمية تعزيز البحث العلمي حول مجازر 8 ماي، وتوظيف التكنولوجيا والوسائط الرقمية في نشر الوعي بالتاريخ الوطني، وخلق أدوات تعليمية مبتكرة تخاطب الجيل الجديد.
وأكد الحضور أن مجازر 8 ماي، التي راح ضحيتها آلاف المدنيين الأبرياء، لم تكن مجرد جريمة استعمارية، بل كانت لحظة وعي شعبية كبرى ساهمت في تفجير ثورة التحرير، ولهذا تبقى هذه الذكرى ركيزة أساسية في بناء الذاكرة الوطنية  .
توصيات بإنشاء منصة رقمية تفاعلية و تأسيس جائزة وطنية سنوية باسم شهداء 8 ماي
 
وخرج  الملتقى بجملة من التوصيات الرامية إلى ترسيخ الذاكرة الوطنية وحماية التاريخ الوطني من النسيان أو التشويه، حيث  أوصى المشاركون بتكثيف الجهود الأكاديمية لتوثيق هذه المحطات التاريخية، وتشجيع البحوث والندوات حولها، إلى جانب تطوير مضامين تربوية وثقافية تضمن استمرارية هذا الوعي، وصونه من التهميش أو النسيان.
 
 واقترح المشاركون كذلك تنظيم برامج تدريبية للمعلمين حول كيفية تدريس مجازر 8 ماي بطرق تربوية فعالة، مع إنشاء منصة رقمية تفاعلية وطنية تجمع الوثائق، الصور، الشهادات، والأبحاث المتعلقة بالمجزرة. كما تمت التوصية بـ تنظيم مسابقات وطنية في الكتابة، الرسم، وإنتاج الأفلام القصيرة حول الموضوع.
ولتعزيز الحضور الدولي للذاكرة، أوصى الحاضرون بإحياء ذكرى المجازر في الخارج من خلال المراكز الثقافية والمدارس الجزائرية، إلى جانب تأسيس جائزة وطنية سنوية باسم شهداء 8 ماي تمنح لأفضل عمل فني أو بحثي في الموضوع. كما شجعوا على إطلاق مبادرات مجتمعية محلية لتخليد الذكرى في المدن التي شهدت المجازر.
 
 حيث ركزت التوصيات على تعميق الوعي التاريخي لدى الأجيال الشابة، خصوصا الطلاب، لفهم أبعاد مجازر 8 ماي من حيث الأسباب والنتائج، وما تمثله من نقطة تحول في المسار النضالي للشعب الجزائري. كما تم التأكيد على تكريم شهداء المجازر من خلال إبراز تضحياتهم في سبيل الحرية والاستقلال، واستحضار بطولاتهم في مختلف المحافل التربوية والثقافية.
و أوصى المشاركون بضرورة تحفيز البحث العلمي حول هذه الحقبة التاريخية، وتشجيع الباحثين والأكاديميين وطلبة الدراسات العليا على إنجاز دراسات متخصصة، مع دعم مشاريع بحث تركز على الجوانب الإنسانية، الاجتماعية، والسياسية للمجازر. كما شددوا على أهمية إثراء النقاش الثقافي بخصوص الذاكرة الوطنية وآليات المحافظة عليها ونقلها للأجيال القادمة.
ولتعزيز الوعي الجماعي، تمت الدعوة إلى إنتاج مواد تعليمية وثقافية مثل الكتب والمطويات والأفلام الوثائقية والمعارض التوثيقية، لتوظيفها في المؤسسات التعليمية والمراكز الثقافية. كما اقترح المشاركون إدراج المجازر بعمق أكبر في المناهج التعليمية بمختلف أطوار التعليم، مع التركيز على التحليل النقدي وربط الماضي بالحاضر.
كما وردت توصية بـ تنظيم فعاليات تفاعلية داخل المدارس والجامعات، تشمل ندوات، عروض مسرحية، ورشات فنية، ومعارض صور ووثائق أصلية. إلى جانب ذلك، تمت الدعوة إلى إنتاج مواد سمعية بصرية كالأفلام الوثائقية، البرامج التلفزيونية والإذاعية، التي تسلط الضوء على أحداث المجازر وشهادات الناجين.
 و دعا المشاركون إلى إنشاء متاحف أو تخصيص أجنحة داخل المتاحف الوطنية لعرض وثائق وصور وشهادات حية عن مجازر 8 ماي، إضافة إلى استخدام التكنولوجيا الحديثة مثل التطبيقات والمواقع الإلكترونية التفاعلية التي تقدم محتوى معرفي مشوق وموجه للشباب.
كما أوصوا بـ تنظيم فعاليات فنية وثقافية تعبر عن الذاكرة الجماعية باستخدام الأدب، الرسم، الموسيقى، والنحت، مع دعوة مؤرخين وخبراء دوليين للمشاركة في الملتقيات العلمية لتقديم رؤى مقارنة حول أحداث مماثلة في تاريخ الشعوب.
ومن أبرز التوصيات أيضًا: توثيق شهادات الناجين وأفراد عائلات الضحايا، وتعزيز الشراكة بين المؤسسات التعليمية والثقافية والإعلامية ومؤسسات المجتمع المدني لتنفيذ مشاريع تخدم ترسيخ هذه الذاكرة. كما تمت الدعوة إلى إطلاق حملة وطنية للتوعية تشمل ندوات ومحاضرات ووسائط إعلامية متعددة حول ذكرى المجازر.
 
أكد المشاركون على ضرورة إبراز البعد الإنساني والعالمي لمجازر الثامن ماي في مختلف المناسبات الثقافية والعلمية، وتسخير وسائل الإعلام والاتصال والمسارح ودور الثقافة للتعريف بها، إلى جانب تفعيل الكتابات التاريخية والأدبية والتعليمية المرتبطة بها. وتم اقتراح ترقية الملتقى إلى دولي وتنظيمه بصفة دورية مع جمع المداخلات في كتاب جماعي يكون مرجع أكاديمي. 
الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

error: جميع نصوص الجريدة محمية
إغلاق