Capdz بالعربي

نادي “خطوة”: شباب يقودون الثورة التكنولوجية في مجالات الهندسة والطاقة

روبورتاج: جميلة.م

نجح نادي “خطوة” في ترسيخ مكانته كأحد أنجح النوادي العلمية في جامعة العلوم والتكنولوجيا محمد بوضياف بوهران، ليصبح منصة رائدة تجمع بين البحث العلمي، الابتكار، والتطبيق العملي في مجالات متنوعة. يرتبط النادي ارتباطًا وثيقًا بكلية الميكانيك في الجامعة، ممثلًا جميع أقسامها الرئيسية، بما في ذلك الهندسة البحرية، الميكانيكا، والطيران.

وفي حديثنا مع رئيس النادي، الطالب بوغنجة ياسين، أشار إلى أن النادي يهدف إلى تطوير القدرات العلمية للطلاب عبر مجموعة من الأنشطة المبتكرة التي تخدم مختلف التخصصات الأكاديمية. فمنذ تأسيسه، سعى ليكون مركزًا علميًا يربط الطلاب بأحدث التقنيات والابتكارات في مجالاتهم، من خلال تنظيم ورش عمل علمية، مؤتمرات، ومعارض تُبرز أحدث الأبحاث والاختراعات الطلابية. كما يتيح للطلبة فرصة عرض مشاريعهم أمام ممثلين من الشركات الكبرى والمؤسسات الأكاديمية، مما يعزز فرصهم في سوق العمل ويمكّنهم من الحصول على الإشراف والدعم المستمرين.

يسعى نادي “خطوة” إلى تحسين التجربة التعليمية للطلاب من خلال توفير بيئة علمية وعملية، تعتمد على التجارب الميدانية والتطبيقات الواقعية للمفاهيم النظرية التي يتم تدريسها داخل القاعات الجامعية. ومن أبرز أنشطته الزيارات الميدانية إلى مواقع حيوية مثل الموانئ والمطارات، ما يسمح للطلاب بمشاهدة التطبيق العملي لما يتعلمونه. كما يساهم النادي في تنظيم دورات تدريبية وورش عمل تساعد الطلاب على اكتساب مهارات جديدة تتماشى مع احتياجات سوق العمل.

وفي السياق ذاته، أكد رئيس النادي أن “خطوة” أصبح واحدًا من أبرز الأندية العلمية التي تسهم في تغيير المفهوم التقليدي للتعليم الجامعي، متجاوزًا دوره كمنصة علمية ليكون عنصرًا فاعلًا في تطوير الاقتصاد الوطني عبر تقديم حلول مبتكرة ومستدامة. إذ يعمل النادي على تحفيز الطلاب على الإبداع والابتكار، مما يساهم في تأهيل جيل جديد من المهندسين والعلماء القادرين على مواجهة التحديات العالمية في مجالاتهم المختلفة.

مشاريع علمية مبتكرة يقودها الطلبة

يُبرز نادي “خطوة” التفوق العلمي من خلال المشاريع المبتكرة التي يقودها طلابه. ووفقًا لرئيس النادي، فإن العديد من المشاريع التي يتم إنجازها تحت مظلته تقدم حلولًا تكنولوجية حديثة تلعب دورًا مهمًا في المجالات الهندسية والصناعية. وقد سلطت منصة كاب ديزاد الضوء على مجموعة من هذه المشاريع.

مشروع “اللوح المبتكر مع الدوار (Rotor Sail)”

من بين المشاريع الرائدة، يبرز مشروع “اللوح المبتكر مع الدوار” الذي تقوده الطالبة يسرَى فتيحة، طالبة الماجستير في الهندسة البحرية. يهدف هذا المشروع إلى تحسين دفع السفن الصغيرة باستخدام طاقة الرياح، بكفاءة أعلى من الأشرعة التقليدية، مما يساهم في تقليل استهلاك الوقود والانبعاثات الملوثة.

تتمثل الفكرة الأساسية للمشروع في استخدام تقنية الدوار (Rotor Sail)، وهو جهاز دوّار يستغل قوة الرياح لتوليد الدفع. وتختلف هذه التقنية عن الأشرعة التقليدية، حيث تعتمد على ظاهرة فيزيائية تنتج عند دوران الأسطوانة، ما يولد قوة دفع قوية تدفع السفينة عند مرور الرياح حولها، مما يعزز من كفاءة حركتها مقارنة بالأشرعة التقليدية.

يساهم المشروع في تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري، وهو ما يعكس التوجه العالمي نحو الحد من الانبعاثات الكربونية. كما أن استخدام الرياح كمصدر للطاقة يعني تقليل الملوثات في الغلاف الجوي، بما يتماشى مع الجهود العالمية لمكافحة التغير المناخي.

ويمثل مشروع “اللوح المبتكر مع الدوار” خطوة مهمة نحو تطوير تكنولوجيا نقل بحري أكثر استدامة. ففي حال نجاحه، قد يكون حلًا مناسبًا ليس فقط للسفن الصغيرة، بل حتى للسفن التجارية الكبرى، مما يفتح المجال أمام تطوير أنظمة دفع هجينة تستخدم مزيجًا من الطاقة الشمسية والرياح، وهو ما قد يشكل نقلة نوعية في صناعة النقل البحري.

مشروع آلة CNC المتقدمة للطالبتين عائشة شيماء ورانية مولخلوة

في مجال التصنيع الرقمي، تمكنت الطالبتان عائشة شيماء ورانية مولخلوة من تصميم وتطوير آلة CNC متقدمة تتميز بالدقة والكفاءة في عمليات القطع، الحفر، والتشكيل. لا يُعد هذا الابتكار إنجازًا أكاديميًا فحسب، بل يمثل أيضًا خطوة مهمة نحو إحداث طفرة في عالم التصنيع، من خلال تحسين جودة الإنتاج وتقليل التكاليف.

آلة CNC هي جهاز صناعي يتم التحكم فيه عبر برامج حاسوبية لتنفيذ عمليات دقيقة على مواد مختلفة مثل المعادن، البلاستيك، والخشب. تعتمد هذه الآلات على تقنيات متطورة لضمان دقة العمليات وتقليل الأخطاء البشرية، مما يجعلها عنصرًا أساسيًا في العديد من الصناعات الحديثة.

وقد ركزت الطالبتان على تطوير آلة تجمع بين الكفاءة العالية والقدرة على تنفيذ مهام متعددة بدقة متناهية، مما يجعلها أداة مثالية لتعزيز الإنتاجية في المصانع وتلبية احتياجات السوق بفعالية أكبر.

من المتوقع أن يسهم هذا الابتكار في فتح آفاق جديدة للطلاب والمهندسين في مجال التصنيع الرقمي، حيث يمثل نموذجًا يمكن تطويره ليشمل مجالات تطبيقية أوسع. كما قد يساعد في تحسين الصناعات المحلية من خلال تعزيز قدراتها التكنولوجية والابتكارية.

مشروع تطوير “نظام الطاقة الشمسية البحرية”

أما في مجال الطاقة المتجددة، فقد أطلقت الطالبة خديجة قُمري مشروعًا بحثيًا رائدًا يهدف إلى تطوير “نظام الطاقة الشمسية البحرية”، وهو نظام يركز على توفير طاقة نظيفة ومستدامة للسفن والمنشآت البحرية باستخدام الطاقة الشمسية.

يتمتع هذا النظام بقدرة عالية على تحويل الطاقة الشمسية إلى كهرباء، مما يسهم في تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري، أحد أهم مصادر التلوث البيئي. ويعتمد المشروع على تركيب ألواح شمسية مدمجة على هياكل السفن والمنشآت البحرية، قادرة على توليد الكهرباء وتقليل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، مما يعزز من كفاءة استهلاك الطاقة في هذا القطاع الحيوي.

ولا يقتصر المشروع على تثبيت الألواح الشمسية فحسب، بل يشمل أيضًا أنظمة تخزين الطاقة المتجددة، لضمان استمرارية الإمداد الكهربائي في حالات الطوارئ أو عند الإبحار في مناطق تقل فيها أشعة الشمس. كما يعمل الفريق البحثي على تطوير استراتيجيات لتقليل تكاليف إنتاج وصيانة النظام، لضمان قابليته للتطبيق التجاري على نطاق واسع.

يمثل هذا المشروع خطوة مهمة نحو تطوير النقل البحري الصديق للبيئة، وهو قطاع يواجه ضغوطًا متزايدة لاعتماد حلول أكثر استدامة. وفي ظل الجهود الدولية للحد من التلوث البيئي، قد يكون نظام الطاقة الشمسية البحرية أحد الحلول الفعالة التي تسهم في تغيير هذا المجال جذريًا.

تعزيز التعاون بين الجامعة والصناعة

إلى جانب تحفيزه على الابتكار العلمي، يسعى نادي “خطوة” إلى تعزيز التعاون بين الأوساط الأكاديمية والصناعية، من خلال تنظيم معارض وفعاليات علمية تتيح للطلاب التواصل مع الشركات الصناعية والمؤسسات البحثية، مما يمنحهم فرصًا قيمة للتدريب والتوظيف، ويؤهلهم بشكل أفضل لسوق العمل.

يظل نادي “خطوة” نموذجًا مشرفًا يعكس إمكانات الشباب الجزائري في الابتكار والتطوير، مؤكدًا أن مستقبل التكنولوجيا والطاقة بين أيدٍ شابة قادرة على إحداث التغيير.