جميلة.م
استأنفت وحدة الإقلاع عن التدخين بمصلحة الأمراض الصدرية بالمؤسسة الاستشفائية الجامعية أول نوفمبر بإيسطو – وهران، نشاطها الصحي بعد توقف دام عدة سنوات بسبب جائحة كورونا، مستعيدة زخمها السابق بإرادة قوية وطموح واضح.
وفي هذا الصدد كشفت رئيسة االوحدة “الدكتورة بن يسعد صابرينة” ، في تصريح خصت به موقع “كاب ديزاد” أن الوحدة تهدف إلى مساعدة أكثر من 60 مدخن على الإقلاع عن التدخين خلال سنة 2025.
و أوضحت أن عودة الوحدة، جاءت في سياق صحي ومجتمعي يتطلب تدخلات ميدانية متواصلة للحد من انتشار ظاهرة التدخين، خاصة في أوساط الشباب، اذ يعمل الطاقم الطبي اليوم على تعزيز خدمات التكفل، وتوسيع نطاق الحملات التحسيسية، في مسعى حقيقي لمرافقة أكبر عدد ممكن من المدخنين نحو نمط حياة صحي.
وكانت المصلحة، قد علقت نشاطها خلال فترة أزمة كوفيد-19، لكن استئنافها هذا جاء بديناميكية جديدة وتخطيط دقيق، يهدف إلى بلوغ الأهداف الصحية المسطرة في إطار الوقاية من الأمراض المزمنة المرتبطة بالتدخين.
نتائج مشجعة لوحدة الإقلاع عن التدخين في عام 2024
و شهدت المصلحة خلال سنة 2024 نشاطا مميزا ضمن وحدة الإقلاع عن التدخين، التي تواصل جهودها لمحاربة هذه العادة الضارة وتحقيق نتائج ملموسة على أرض الواقع.
و حسب نفس المصدر، سجلت الوحدة التي تعمل بشكل مستمر، متابعة دقيقة لما يقارب 100 مريض خلال السنة الماضية، وتحديدا 98 مريض.
و تشير الحصيلة السنوية إلى أن حوالي 27 ٪من المرضى تمكنوا من الإقلاع التام عن التدخين خلال فترة 12 شهر، وهو إنجاز لا يستهان به، خاصة وأنه يقترب من المعدلات العالمية في هذا المجال، والتي تتراوح عادة بين 25 إلى 30 ٪ في أحسن الحالات.
و أشارت نفس الاخصائية الى ان عادة التدخين من أصعب أنواع الإدمان، إذ لا تقتصر آثارها على الجانب الجسدي فقط، بل تمتد أيضا إلى الجانب النفسي والسلوكي، ما يجعل عملية الإقلاع عنها معقدة وتحتاج إلى دعم طبي وتوجيهي مستمر. من هنا جاءت أهمية وجود طاقم طبي متخصص في المصلحة، قادر على التعامل مع هذه الحالات بكل حساسية وكفاءة.
فالطبيب المختص في الأمراض الصدرية يعتبر حجر الزاوية في هذه العملية، حيث يتمتع بالمعرفة الدقيقة بآثار التدخين على الجهاز التنفسي، ويستطيع توجيه المرضى بأساليب علاجية وتربوية حديثة، تشمل الأدوية البديلة، الدعم النفسي، والمتابعة الدقيقة لكل حالة.
وقد شهدت وحدة الإقلاع عن التدخين حالات صعبة، خاصة لدى المرضى الذين كانوا يعانون من إدمان قوي على النيكوتين، ما تطلب تدخل مكثف ومتابعة شبه يومية. وفي بعض الأحيان، كانت مدة الإقلاع تمتد لعدة أشهر قبل تحقيق النتيجة المرجوة، وهو ما يؤكد أن النجاح لا يقاس بالسرعة بل بالاستمرارية.
و تؤكد مسوولة الوحدة، أن هذه النتائج هي ثمرة عمل جماعي مستمر، وأن الإقلاع عن التدخين ليس مستحيل، بل يتطلب فقط إرادة من المريض، واحترافية من الفريق المعالج. وتهدف الوحدة إلى رفع نسبة النجاح إلى 35% خلال العام المقبل، من خلال تحسين البروتوكولات العلاجية وتوسيع نشاطها إلى فئات عمرية مختلفة.
حملات تحسيسية توعوية لمجتمع أكثر وعيا
و تولي المصلحة أهمية كبيرة للعمل التوعوي، إذ تسطر على مدار السنة برامج تحسيسية متنوعة، تستهدف مختلف شرائح المجتمع، مع تركيز خاص على فئة الشباب والمراهقين الذين يعدون الفئة الأكثر عرضة للوقوع في فخ التدخين.
تنظم هذه الحملات في الفضاءات العامة، والمؤسسات التربوية والجامعية، كما ترافقها نشاطات تفاعلية تشمل تقديم محاضرات، عروض مرئية، وتوزيع مطويات توعوية تشرح مخاطر التدخين وتقدم نصائح عملية للإقلاع.
و خلال اخر حملة تحسيسية دامت 3 أيام، كانت تسجل ما يربو عن 10 أشخاص لهم الرغبة في الاقلاع عن التدخين يوميا و هو رقم قليل مقارنة بعدد المدمنين عن التدخين بالولاية، و لهذاتعمل الوحدة على الترويج لخدماتها داخل وخارج المؤسسة، من خلال صفحات التواصل الاجتماعي، وحملات إعلامية محلية، لتشجيع المواطنين على التوجه نحو المصلحة وطلب الدعم الطبي والنفسي في سرية وطمأنينة.
وأكدت رئيسة المصلحة أن الجانب التحسيسي لا يقل أهمية عن الجانب العلاجي، إذ أن الوقاية تبدأ من الوعي، ومعرفة المخاطر، وإدراك الأثر السلبي للتدخين على الصحة الفردية والعامة.
مرافقة طبية ونفسية في خدمة الراغبين بالإقلاع
توفر مصلحة الإقلاع عن التدخين بمستشفى “أول نوفمبر” خدمات استشارية ومرافقة فردية تعتمد على تقييم شامل لكل حالة. تبدأ العملية بجلسة تشخيص أولي لقياس درجة التبعية للنيكوتين، ثم تقترح خطة علاجية مخصصة تشمل الدعم النفسي والبدائل العلاجية الممكنة.
ويتابع الطاقم الطبي عن كثب تطور كل حالة، مع تنظيم جلسات دورية لتشجيع المقلعين وتعزيز عزيمتهم، بالإضافة إلى توفير الدعم الجماعي من خلال لقاءات لتبادل التجارب بين المدخنين السابقين.
ويسجل طاقم المصلحة استجابة إيجابية من طرف المواطنين خاصة الكبار في السن ، و إقبال متزايد على طلب المشورة الطبية في الإقلاع من هذه الفئة ، وهو ما يبشر بإمكانية تحقيق الهدف المسطر لسنة 2025 والمتمثل في الوصول إلى 60 مقلع عن التدخين.
حيث أكدت رئيسة الوحدة إلى أن المصلحة تظل مفتوحة لكل من يرغب في التغيير وبدء حياة صحية خالية من التبغ، مشيرة أن التوقف عن التدخين هو قرار صعب، لكنه ممكن بمرافقة طبية ونفسية مناسبة.