وهران
أكثر من 200 حالة جديدة في 6 أشهر: مصلحة أمراض النساء بوهران في سباق ضد سرطان الثدي وعنق الرحم

جميلة. م
تبذل مصلحة أمراض النساء والتوليد بالمؤسسة الاستشفائية الجامعية أول نوفمبر 1954 بوهران مجهودات معتبرة في إطار التصدي للسرطانات النسائية الأكثر شيوعا، خاصة سرطان الثدي وعنق الرحم، و للحد من هذا الداء الخبيث عبر اعتماد بروتوكولات حديثة للكشف المبكر والعلاج. وفي تصريح خص به كاب ديزاد، أكد الدكتور مولاي الحاج، رئيس المصلحة، أن العمل الوقائي يبقى أساسا للحد من المضاعفات والمآلات السلبية التي يخلفها السرطان على صحة المرأة ونفسيتها.
وفي هذا السياق ، كشف رئيس المصلحة، أن الأرقام المسجلة خلال الأشهر الستة الأولى من السنة الجارية تعكس تطورا مقلقا في منحى الإصابات، رغم النجاحات المحققة في مجال الوقاية والتشخيص المبكر، ما يستدعي تكثيف الجهود للكشف المبكر والتكفل العلاجي الفعال.
و حسب الأرقام التقديرية التي وفّرتها المصلحة، تم تسجيل 158 حالة جديدة من سرطان الثدي خلال النصف الأول من السنة، إلى جانب 53 حالة جديدة من سرطان عنق الرحم. وأوضح الدكتور مولاي أن هذا الارتفاع لا يعني بالضرورة تفشي المرض، بل يعكس جزئيا نجاح برامج الكشف المبكر التي تسمح برصد الإصابات في مراحلها الأولى، ما يحسن من فرص الشفاء.
أسباب هذا الارتفاع متعددة، حسب ما أفاد به أطباء المصلحة، وتشمل عوامل نمط الحياة، التأخر في إجراء الفحوصات الدورية، إضافة إلى ضعف الوعي العام لدى بعض الفئات بأهمية الكشف المبكر. اذ لا يمكن تدارك هذا الورم الخبيث الا من خلال الوقاية الدقيقة والمتابعة الدورية.
و تعد هذه الأرقام دعوة مفتوحة للنساء بضرورة الكشف المبكر لاكتشاف المرض في بداياته لانه يؤثر على فترة و نجاعة العلاج . وتؤكد مصلحة أمراض النساء والتوليد على ضرورة إدماج الكشف المبكر ضمن الفحوصات الروتينية لكل امرأة، ابتداء من سن الـ25 بالنسبة لسرطان عنق الرحم، ومن سن الـ40 بالنسبة لسرطان الثدي.
تدخلات جراحية نوعية: الاستئصال لا يزال حلا ضروريا في حالات متقدمة
بالتوازي مع الكشف المبكر، تقوم مصلحة أمراض النساء والتوليد بعمليات جراحية دقيقة في التكفل بالحالات المكتشفة، خاصة عندما تكون الإصابات في مراحل متقدمة أو تتطلب استئصالا جزئيا أو كليا للأنسجة المتضررة.
وتشير المعطيات النصف سنوية حسب ذات المصدر إلى إجراء 61 عملية استئصال كلي للثدي (mastectomie)، و26 عملية استئصال للرحم (hystérectomie) خلال الأشهر الستة الأولى من العام الجاري.
هذه الأرقام تعكس حجم الضغط الذي تتحمله المصلحة، لا من حيث عدد العمليات فحسب، بل من حيث الإمكانيات البشرية والتقنية التي تسخر للتكفل بهذه الحالات المعقدة. وأوضح الدكتور مولاي أن أغلب هذه العمليات تجرى بعد مرحلة تشخيص دقيق، يمر عبر عدة فحوصات أهمها الماموغرافيا للكشف عن الأورام في الثدي، الإيكوغرافيا خاصة للنساء الأصغر سنا أو اللواتي لديهن كتل مشبوهة، التنظير المهبلي واختبار فيروس HPV بالنسبة لعنق الرحم.
الخزعات (biopsies) لتحديد طبيعة الورم، التصوير بالرنين المغناطيسي (IRM) في الحالات التي تتطلب دقة عالية.
و أشار نفس المسؤول الى انه بعد العمليات، يتم إدماج المريضات في مسارات علاجية مكملة تشمل العلاج الكيميائي أو الإشعاعي بالتنسيق مع مصالح الأورام، بالإضافة إلى التكفل النفسي والاجتماعي. كما تعمل المصلحة على مرافقة المرضى نفسيا، وتقديم الدعم الأسري اللازم، لضمان تعافيهن الجسدي والنفسي معا.
ويؤكد الأطباء أن نسبة كبيرة من النساء يستعدن حياتهن الطبيعية بعد العلاج، خصوصا إذا تم اكتشاف الورم في مرحلة مبكرة. لكن في حالات متقدمة، تكون العمليات الجراحية الجذرية ضرورية لإنقاذ الحياة، حتى وإن تطلب الأمر استئصال عضو بالكامل.
حملات توعوية وتثقيف صحي لإنقاذ الأرواح قبل فوات الأوان
و تخوض مصلحة أمراض النساء والتوليد بوهران معركة مستمرة ضد سرطان الثدي وعنق الرحم، بأسلحة التشخيص المبكر، والجراحة المتقدمة، والتوعية الصحية الفعالة، و تفهما منها للدور المحوري الذي تلعبه التوعية الصحية في الوقاية، تنظم مصلحة أمراض النساء والتوليد بالمؤسسة الاستشفائية الجامعية أول نوفمبر 1954 بوهران حملات تحسيسية دورية موجهة للنساء من مختلف الأعمار، من أجل نشر ثقافة الوقاية والكشف المبكر على مدار السنة
حيث تركز هذه الحملات على عدة محاور أساسية، منها:
التثقيف حول أهمية الكشف المبكر لسرطان الثدي وعنق الرحم، تعليم الفحص الذاتي للثدي، حيث تشرف قابلات وطبيبات على تقديم شروحات ميدانية للنساء حول كيفية القيام بالفحص الذاتي في المنزل، لاكتشاف أي تغيرات في شكل أو ملمس الثدي.
التوعية بطرق الوقاية من سرطان عنق الرحم، و أبرز محطات هذه الحملات تكون خلال شهر أكتوبر الوردي (Octobre Rose)، الذي يعد مناسبة وطنية وعالمية لتعزيز الجهود في مجال محاربة سرطان الثدي. وتقوم المصلحة خلال هذا الشهر بتنظيم فحوصات مجانية للثدي وعنق الرحم، ورشات عمل ولقاءات مفتوحة مع الجمهور.
توزيع منشورات إرشادية بلغة مبسطة ومفهومة و محاضرات طبية حول أساليب الوقاية وأهمية الفحص المنتظم.
و اشار نفس المسؤول أن هذه المبادرات لعبت دورا كبيرا في اكتشاف المرض مبكرا ، أو تصحيح بعض المفاهيم المغلوطة حوله، مثل الاعتقاد بأنه لا يصيب إلا النساء المتقدمات في السن، أو أنه لا يمكن الوقاية منه.
كما تسعى المصلحة إلى إشراك الجمعيات النسائية، والبلديات، والمؤسسات التربوية في هذه الحملات، من أجل إيصال الرسالة إلى أكبر عدد ممكن من النساء، لا سيما في المناطق النائية والريفية.
وبين الأرقام التي تعكس الواقع، والجهود التي لا تتوقف، تتجسد يوميا قصص كفاح ونجاة لنساء تحدين المرض لتبقى الوقاية الخيار الأنجع، والتشخيص المبكر يبقى الضمان الأول للشفاء. ومن هنا، توجه المصلحة دعوتها لكل امرأة: لا تنتظري الأعراض، وابدئي بالكشف المبكر اليوم، فكل فحص قد يكون سببا في إنقاذ حياتك.