وطني
اقتراح إنشاء وكالة وطنية لمكافحة التضليل الإعلامي

ح. نصيرة
اعتبر الأكاديمي والإعلامي جيلالي عباسة، خلال استضافته في مقر المجمع الإعلامي “كاب ديزاد”، أن الوقت قد حان لإعادة التفكير في منظومة مواجهة الأخبار الزائفة، مؤكّدًا ضرورة استحداث قسم خاص لرصد المعلومات المضلّلة داخل كل مؤسسة إعلامية، إلى جانب إنشاء وكالة وطنية لمكافحة التضليل وتزييف الوعي في الجزائر.
وأوضح أن متغيرات المرحلة تفرض على الإعلام الوطني أن يكون قادرًا على تقديم الرسالة، بعيدًا عن منطق الإعلام التجاري أو إعلام التسلية، معتبرًا أن «الإعلام اليوم بات ثلاثة أوجه: تجاري، ترفيهي، أو إعلام يقوم على تقديم الرسالة… وعلى الإعلام الوطني أن يختار موقعه».
الإعلام الثوري نموذجًا
وفي استحضاره لتجربة الإعلام الثوري إبان الثورة التحريرية المجيدة، ذكّر الأستاذ عباسة بما قدمته “جريدة المقاومة” ثم “وكالة الأنباء الجزائرية”، وكيف نجحت هذه الوسائط في كشف حقائق التعذيب الاستعماري وفضح الدعاية الفرنسية، مؤكدًا أن الجزائر كانت — ولا تزال — قادرة على قيادة رأيها العام ومواجهة الهجمات الإعلامية المغرضة.
وأضاف أن البلاد تعيش اليوم ثورة إعلامية حقيقية تستوجب التنسيق والتكامل في تقديم الرسالة، على أساس الوعي والتحسيس.
وتوقف المتحدث عند سؤال جوهري: “هل يملك الصحفي الجزائري اليوم الأدوات والتكوين الكافيين لمواجهة السيل الإعلامي المضاد؟”
وعبّر عن أسفه لغياب التمييز لدى بعض الصحفيين بين أنواع المواد الصحفية مثل: المقال، التحقيق، التحقيق الاستقصائي، والتقرير، داعيًا إلى اعتماد برامج تكوين مكثفة وربط المؤسسات الإعلامية بالتكنولوجيات الحديثة ودعمها.
كما تساءل عباسة عن حقوق الصحفي، قبل التأكيد على أن الجزائر تواجه رهانًا صعبًا يتطلب جاهزية إعلامية عالية لمواجهة الحروب الإعلامية العدائية، عبر تقديم معلومات صحيحة، وتوضيح خلفيات الأخبار وتداعياتها، مع التزام المؤسسات بخطّها الافتتاحي.
“السلطة الخامسة” وهيمنة الفضاء الرقمي
وفي حديثه عن مفهوم “السلطة الخامسة” في إشارة إلى مواقع التواصل الاجتماعي، قال عباسة إن هذا الفضاء يضم مليارات المشتركين، موضحًا أن 85٪ من المحتوى الإعلامي في العالم يُنتَج باللغة الإنجليزية، مقابل 2.5٪ فقط باللغة الفرنسية. أما صانعو المحتوى الأكثر تأثيرًا، فيأتون من الولايات المتحدة ثم السويد رغم تعدادها السكاني الضئيل.
الذكاء الاصطناعي… بين الفرص والمخاوف
وأكد ضيف “كاب ديزاد” أن الاعتماد على الذكاء الاصطناعي يجب أن يكون مسلّحًا بتطبيقات جزائرية تحفظ الأمن العقائدي والهوياتي، محذرًا من مخاطره عندما يقترن بـ”الغباء الطبيعي”، على حد تعبيره.
وقال: “السؤال ليس هل نستخدم الذكاء الاصطناعي، بل كيف نُحسن صناعة المحتوى؟” مشددًا على أهمية تحديد الجمهور المستهدف وصناعة محتويات مؤثرة.
وفي ختام حديثه، عبّر الأستاذ جيلالي عباسة عن مخاوفه من تهديدات تمس الأمن العقائدي في ظل التطور السريع للذكاء الاصطناعي، مؤكّدًا أن تطوير تطبيقات جزائرية بات ضرورة وطنية.



