مزاد... كاب ديزاد
كيف هو رمضان غزة يا ترى؟

تجتمع العائلات والجماعات كعادات المجتمعات المسلمة، لتتقاسم لقمة الإفطار مع آذان المغرب، إيذانا بشهر المغفرة والتراحم والتلاحم، فيجلسون حول ما توفر من الطعام، وأطفالهم يلعبون حولهم، والجميع في أمان وسكينة.
لكن هناك في بقعة تسكن قلبنا، وينفطر لأجل سكانها وهم يضطهدون، في المواسم والأعياد والمناسبات وكل يوم وكل لحظة، إنها غزة التي تنزف دما، وتفرش بساط الاستشهاد صاعدا إلى السماء… رمضان بالنسبة إلينا عبادة (نستغفر ونكبر ونسبح ونكثر من الصلاة ونمنع جوارحنا عن الشهوات وبطوننا عن المأكولات لمدة زمنية محددة، لكن إخواننا في فلسطين المغتصبة وغزّاها المنهكة، يصومون منذ 157 يوم خلت. لا مأكل ولا مشرب ولا علاج ولا حتى تواصل بينهم كأفراد أو عائلات. فالكيان الصهيوني لم يترك لهم بقعة سليمة يجتمعون فيها، ولا سكنات تأويهم ولا مشافي تطببهم ولا أدوية تعالجهم، ولا طعام يغذيهم ولا ماء يرويهم، صادر حقهم في كل شيء، حتى الأوكسجين أصبح ملوثا وغير صالح للاستنشاق، بسبب الدخان المتصاعد من انفجار الصواريخ وأفواه الرشاشات وأعمدة الدخان المرتفعة بسبب عمليات التهديم التي طالت كل البنايات، حتى أصبح الفلسطيني المصاب بتقرحات أو جروح لا يقوى على تحمل رائحة جسده، لأن تلك الإصابات تعفنت في غياب العلاج. ولم تعد المرأة الفلسطينية قادرة على إرضاع طفلها، لأنها جائعة ولا يمكن لهرمونات جسدها إنتاج الحليب، ولا يمكن للشيخ أو العجوز أن يتناولا دواءهما، لأن الدواء غير موجود والماء مفقود، ولا يمكن للطفل أن يلعب، ليس لعدم وجود ألعاب، ولكن لعدم وجود غذاء يسمح له، بتقوية جسده ليقوى على اللعب ولا القيام بحركات مكثفة.
أطفال فلسطين لم تعد الأمراض تقتلهم، بل أجسادهم التي بدأت خلاياها تضمحل وتموت، فمن ماتوا في أسبوع عددهم يقارب 30 طفلا، ولكن من يهتم لهم؟ من يسأل عنهم؟ حتى ما قيل عنها مساعدات غذائية تم رميها من السماء، سقطت على أجسادهم، فأتت على ما بقي من عظام هشة، مخلفة قتلى وجرحى. لأنها لم تكن مساعدات لإنقاذهم من الجوع، بقدر ما كانت رسالة مباشرة للحكام العرب والمطبعين خاصة، بأن مصيرهم سيكون الإذلال والإهانة لو يحاولون رفع رؤوسهم، ولمّ القليل من كرامتهم التي شتتها وسحقها الغرب على مرأى من شعوبهم.
فكيف يحلو لهم صومهم في قصورهم وإخوانهم على لحم بطونهم ؟
وردة. ق