وطني

2024… حصاد ديبلوماسي ناجح إفريقي، عربي وأوروبي للجزائر

كانت سنة 2024، سنة حافلة ديبلوماسيا للجزائر، بنتائجها الإيجابية المحققة في علاقاتها الثنائية، المغاربية، العربية، الافريقية والدولية.
حيث كانت جزء من الخطاب التاريخي الذي ألقاه رئيس الجمهورية “عبد المجيد تبون” منذ يومين بقية البرلمان للأمة، تطرق من خلالها إلى تسليط الضوء على العناوين الرئيسية التي أثبتت قوة الديبلوماسية الجزائرية وعزمها على الرمي بكل ثقلها، خاصة وهي عضو غير دائم بمجلس الأمن، بعملها لتكون الصوتَ العربي والإفريقي بمجلس الأمن، تُرَافِعُ عن هُمومِ وَشَوَاغِلِ الدول والشعوب العربية والإفريقية، وتُدافعُ عن تطلعاتِها وطموحاتِها بكل أمانة وإخلاص. وأعتقد أن الجهود التي بذلتها بِلادُنا خلال العام الأول من عهدتها بالمجلس قد نالت استحسانَ ورضى وَدَعْمَ جُلِّ الدول العربية والإفريقية على حدٍّ سواء، لاسيما وأن هذه الجهود قد تمت بالتنسيق التام مع الأطراف المعنية ومع كل من جامعة الدول العربية والإتحاد الإفريقي.
ففي العلاقات الثنائية، عَمِلَتْ الجزائر خلال سنة 2024، على الدفع بعلاقات الأخوة والتعاون التي تجمعها ثنائياً بدول جوارها المغاربي، لاسيما عبر الزيارات الرسمية التي قام بها رئيس الجمهورية إلى كل من الجمهورية التو
نسية، والجمهورية الإسلامية الموريتانية، وكذا الزيارات الرسمية التي استقبَلها رئيس الجمهورية من قبل أشقائه رؤساء كل من الجمهورية التونسية، والجمهورية الإسلامية الموريتانية، ودولة ليبيا، والجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية.
 أما على الصعيد المغاربي، فقد نال مقترح الجزائر بتأسيس آلية ثلاثية للتشاور والتعاون بموافقة وانخراط كل من تونس وليبيا. وهي الآلية التي عقدت لقاءين على مستوى القمة، وَتَمَخَّضَ عنها مشاريع تعاون فعلية تهدف في مُجملها إلى التكفل بالإشكاليات التي تعني هذه الدول بصفة مباشرة. ونحن في هذه الأثناء بصدد التحضير للقمة الثالثة المُنْتَظَرِ انعقادُها بالعاصمة الليبية طرابلس بداية العام الجديد بحول الله.
وفي الفضاء العربي، واصلت الجزائر خلال هذا العام مسار تعزيز العلاقات الثنائية التي تجمعها مع العديد من أشقائها العرب، وهو المسار الذي تَعَزَّزَ بالزيارات الرسمية التي قام بها رئيس الجمهورية، “عبد المجيد تبون”، إلى كل من تونس، ومصر، وسلطنة عمان. وبالنسبة للعمل العربي المشترك، فإن بلادنا تواصل المرافعة من أجل إصلاح جامعة الدول العربية، التي تظل من أقدم المنظمات الحكومية في العالم التي لم تعرف في تاريخها أي تغيير أو تقويم،  فيما سيستمر تركيزُنا حول القضية الفلسطينية، حيث ستنظم الجزائر اجتماعاً وزارياً لمجلس الأمن بهدف مناقشة آخر التطورات في الأراضي الفلسطينية المحتلة بصفة خاصة وفي منطقة الشرق الأوسط بصفة عامة.
وعلى الصعيد القاري، فقد واصلت الجزائر جهودها الهادفة لتوطيد العلاقات الثنائية التي تجمعها بأشقائها الأفارقة، لاسيما عبر الزيارات الرسمية التي استقبلها رئيس الجمهورية خلال هذا العام من لدن أشقائه رؤساء كل من: جمهورية سيراليون، جمهورية السودان، جمهورية موزمبيق، وكذا جمهورية جنوب إفريقيا.
وفي فضاء الساحل الصحراوي، فقد حرصت الجزائر قولاً وفعلاً على أن تكون عنصرَ تهدئة واستقرار في المنطقة، وذلك عبر مدِّ جسور التعاون والتضامن مع الدول الشقيقة في هذا الجوار الإقليمي. ويدُ الجزائر تبقى ممدودةً على الدوام لأشقائها، لأن استقرارَ هذا الفضاء المشترك وأمنَه ورفاهَه، جزءٌ لا يتجزأ من أمن واستقرار ورفاه بلادنا.
وفي الفضاء الأورومتوسطي، فقد انخرطت بِلادُنا في مشاوراتٍ تمهيدية مع الشركاء الأوروبيين لمعالجة الإشكاليات والإختلالات التي تشوب اتفاق الشراكة الذي يربط الجزائر بالاتحاد الأوروبي. وغايتنا في ذلك هو أن نتجاوز اختزال هذه الشراكة في منطقة التجارة الحرة، وأن نعمل سوياً مع شركائنا الأوروبيين من أجل إقامة شراكة متوازنة وشاملة، شراكة تعود بالنفع المتقاسم على الطرفين، وشراكة تُسهمُ في خلق منطقة رفاهٍ مشترك تضطلع الجزائر فيها بدورها كاملاً غير منقوص.
وعلى الصعيد العالمي الأوسع، وفي سياق التحولات الهيكلية التي يشهدها ميدان الطاقة، أثبتت الجزائر دورها الهام، ليس فقط كشريك موثوق في الاستجابة لاحتياجات الدول الأوروبية في مجال الغاز الطبيعي، وإنما أيضاً كطرف فاعل في تحديد ملامح حلٍّ مستدام لإشكالية الأمن الطاقوي على الساحة الدولية. وهو الأمر الذي تجلى من خلال القمة الناجحة التي استضافتها بلادنا مطلع هذا العام لرؤساء دول وحكومات منتدى الدول المصدرة للغاز. كما تجلى هذا الدور من خلال المشاركة البارزة واللافتة للسيد رئيس الجمهورية في قمة مجموعة السبع (Le G7)، وهي القمة التي انعقدت في مدينة باري الإيطالية شهر جوان المنصرم.
وفي سياق النضال الديبلوماسي الذي تقوم به الجزائر إطار عضويتها غير الدائمة بمجلس الأمن، فإن ذما تبذله الجزائر من جهودٍ ومساعٍ بمجلس الأمن يُعتبر بمثابة امتدادٍ للدور الذي تضطلع به بِلادُنَا في فضاءاتِ انتمائها الإقليمية وخارج فضاءات الانتماء هذه، كطرفٍ فاعل، وكطرفٍ نشطٍ، وكطرفٍ حريصٍ كُلَّ الحرص على الإسهامِ في نشر الأمن والاستقرار، وكشريك أمين، وكشريك موثوق، وكشريك مُلتزم تمام الالتزام بإقامة علاقات متوازنة تعود بالنفع المشترك والفائدة المتقاسمة على الجميع. ولأن القانون الدولي يظل البوصلة التي يَجِبُ أن يحتكم إليها الجميع على قدم المساواة، ومنظمة الأمم المتحدة تبقى الإطار الجامع الذي يَجِبُ أن يضطلع بدوره كاملاً في تفعيل قواعد القانون الدولي وضمان امتثال الجميع لأحكامه دون أي تمييز أو تفضيل أو مُحَابَاةْ، فقد أسدى رئيس الجمهورية تعليمات تتعلق بضرورة إعلاء قواعد القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية في كل تحركات الجزائر داخل مجلس الأمن، وكذا العمل من أجل إعادة الاعتبار لمنظمة الأمم المتحدة ولدورها الحيوي في حل النزاعات وَفَضِّهَا بالسُّبُلِ التفاوضية السلمية. حيث كانت الجزائر طرفاً فاعلاً في المكتسبات التي حققتها إفريقيا مؤخراً على درب تصحيح الظلم التاريخي المسلط عليها وتعزيز مكانَتِها على الساحة الدولية، على غرار افتكاكَ قارتِنا لعضويةٍ دائمة بمجموعة العشرين،
والاعترافَ المتزايد بأحقيةِ قارتنا في تمثيلٍ دائمٍ بمجلس الأمن الأممي وفي توسيع تمثيلها غير الدائم بذات الهيئة،
والإدراكَ المُتنامي بحتميةِ إصلاح المنظماتِ الاقتصادية والمالية الدولية على النحو الذي يُنصِفُ قارتنا ويصونُ حقوقها،
وكذا تحقيقَ مطالبِنا القارية المتعلقة بتمويل عمليات السلام التي يُقرها الاتحاد الإفريقي ويضمنُ الإشرافَ عليها ومتابعةَ مُجرياتِها. وهي الإشكاليات التي تندرج جميعها في صُلْبِ جدول أعمال ما صار يُعرف بـ”مسار وهران” الذي احتضنت بلادنا طبعته الحادية العشرة بداية هذا الشهر. كما احتضنت بلادنا، خلال هذا العام، وبالضبط في شهر جوان المنصرم، أشغال الاجتماع الوزاري للجنة العشرة للاتحاد الإفريقي المعنية بإصلاح مجلس الأمن. وعلى الصعيد القاري، تم انتخاب رئيس الجمهورية، رئيساً لمنتدى رؤساء دول وحكومات الآلية الإفريقية للتقييم من قبل النظراء للفترة 2024-2026. كما نالت بلادنا خلال هذا العام رئاسةَ القدرة الإقليمية لشمال إفريقيا،
ورئاسةَ مجلس إدارة الاتحاد البريدي لعموم إفريقيا،
ونيابةَ رئاسةِ اللجنة الإفريقية للطيران المدني ،
وعضويةَ مجلس الفضاء الإفريقي،
وكذا عضويةَ مكتب رئاسة مؤتمر رؤساء البرلمانات الإفريقية. وفي أوت الماضي، اعتمدت المجموعة الدولية نص الاتفاقية الأممية لمكافحة الجريمة السيبرانية. وهي الاتفاقية التي قادت الدبلوماسية الجزائرية مسارَها التفاوضي بكل جدارة واقتدار على مدى ثلاث سنوات، بالتعاون مع كافة الدول الأعضاء في منظمة الأمم المتحدة. وفيما يخص ملف الترشيحات، فقد حظيت الترشيحات التي تقدمت بها الجزائر خلال سنة 2024 على المستوى الدولي بدعم وزخم كبيريْن، حيث نالت بلادنا عضوية لجنة الأمم المتحدة لبناء السلام ، وعضوية المجلس الاقتصادي والاجتماعي للأمم المتحدة ، وعضوية لجنة التراث الثقافي اللامادي لمنظمة اليونيسكو، كما نالت الجزائر منصب نائب رئيس الدورة ال79 للجمعية العامة للأمم المتحدة.
 يشار إلى أن الجزائر ستُواصل جُهودَها ومساعِيها خلال العام الثاني من عُهدتها، وهو العام الذي سَتُباشِرُهُ بلادُنا بتوليها رئاسةَ مجلس الأمن بعد يوم الغد. وستعملُ الجزائر، بعنوان هذه الرئاسة، من أجل تسليط الضوء على أبرز القضايا التي تَشْغَلُ العالمَ العربي والقارةَ الإفريقية.
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

error: جميع نصوص الجريدة محمية
إغلاق