
يقوم قضاة التحقيق بالتحري حول حيثيات 5 ملفات قضائية تورطت فيهم “مدام فتيحة” رفقة إطارات بمديرية مسح الأراضي ومصالح البلدية والدائرة، وذلك على مستوى الغرفة 3، 5، 4 و7 وجه فيها القضاة لها تهما خطيرة، تعلقت بسوء استغلال الوظيفة، الرشوة، تبديد أموال عمومية، التزوير واستعمال المزور، وغيرها من التهم التي لا يزال التحري فيها متواصلا، حيث سيتم التطرق إلى ملفات الأوعية العقارية التي نهبت على مستوى بلدية بئر الجير بوهران. بعدما أدرجت محكمة الجنح بفلاوسن (وهران)، ملف الفساد العقاري الذي تقف وراءه المديرة الجهوية لمديرية مسح الأراضي “ف-و” المعروفة ب “مدام فتيحة” على قاضي التحقيق بالغرفة السابعة، الذي سيقوم بجدولته للفصل في حلقته الثانية من هذا المسلسل، الذي ستبقى أجزاءه ممتدة على طول الشريط الساحلي من تلمسان إلى مستغانم مرورا بوهران.
«مدام فتيحة» تحول آراضي مهملة منذ 1896 باسم 59 فردا من عائلتها
وحسب ما كشفته مصادر قضائية، فإن الحادثة جاءت بعد أن وجه المدير العام للوكالة الوطنية لمسح الأراضي “مصطفى سليم راضي”، مراسلة حملت طابع «سري» إلى المدير الجهوي للوكالة بولاية وهران، بتاريخ 30 جوان 2019، أمره بموجبها برفع شكوى على مستوى فرقة البحث والتحري للدرك الوطني بولاية وهران ضد «ف.و» مديرة جهوية للوكالة بالولاية، بعد ثبوت تورطها في عمليات تزوير خطيرة تمت بتواطؤ مع عدة إطارات ومسؤولين بوكالة وهران، بالنظر إلى نتائج التحقيقات التي قامت بها المديرية هناك.
وأكدت مراسلة المدير العام، أن التقرير المفصل الذي وصله من الوكالة الجهوية، أكد وجود تجاوزات مهنية وتقنية ومحاسباتية، كما كشف عن تجميع أرضين في القسمة رقم 3 بمنطقة عين الترك، تم التنازل عنهما ل3 أشخاص من أفراد عائلتها، وهذا بتواطؤ مع المدعو “حاج الخير”، رئيس مكتب محافظة مسح الأراضي.
وفي السياق ذاته، أكد المدير العام في مراسلته دائما الحامل الطابع “السرية” التي حملت رقم «2977»، بأن المديرة الجهوية قد تجاوزت صلاحياتها وراسلت المحافظ العقاري بالمنطقة، من أجل تمكين الورثة «بوعكاز» من الاستفادة من وعاء عقاري بمساحة كبيرة ومبلغ مالي مهم تابع لأملاك الدولة في التجزئات العقارية 58 و62 و63 ببلدية عين الترك دائما.
كما تضمنت مراسلة المدير قيام «ف.و» بمنح مصاريف تنقل بقيمة 79 ألفا و200 دج بالتزوير واستعمال المزور لمهمات وهمية للمدعو «م.ج»، رئيس مصلحة الوسائل والعمال بالنيابة، «9 مهمات باتجاه الجزائر»، وهي مهمات غير منفذة ووقع عليها رفقة المديرة الجهوية.
وأكد المدير العام في مراسلته، أن فرقة البحث والتحري للدرك الوطني بولاية وهران، يتوجب عليها معرف كافة تفاصيل القضية، ونتائج التحقيق الداخلي الذي قامت به الوكالة الوطنية لمسح الأراضي، ومنح نسخة من نتائج التحقيق، الذي أثبت التخلص من أرشيف رقمي خاص بمعطيات الوكالة في وهران يعود إلى عدة سنوات. مشيرا في مراسلته إلى أن التغيير في البيانات كان بمساعدة من مهندس الإعلام الآلي، المكلف بتسيير الشبكة الذي يقوم بتحويلات للعقارات من دون ملفات إدارية، مستدلا في ذلك بقضية التجزئة رقم 65 بالمنطقة 6 ببلدية السانيا «ملف سايح»، والذي كان فيها المهندس متهما رئيسيا، حيث سبق للأخير –حسب مضمون المراسلة- وأن تورط في وقت سابق في قضايا أخرى رفقة آخرين باستعمال خبرته في قضايا محظورة.
مدير وكالة مستغانم سار على خطى زميله ويقلب طاولة على “فتيحة”،
فحرك دعوى على مستوى فرقة أمن الجريمة الاقتصادية في مستغانم وفي نفس اليوم، أي بتاريخ 30 جوان 2019، وجه مدير الوكالة الوطنية لمسح الأراضي مراسلة حملت طابع «السرية» إلى المدير الجهوي لمستغانم ، أمره فيها برفع دعوى قضائية على مستوى الفرقة الاقتصادية للأمن الوطني ضد المديرة الجهوية السابقة «ف.و» مديرة جهوية لوكالة وهران، التي زوّرت عقودا من أجل منح أراضي لأفراد عائلتها وأشخاص آخرين.
من جهتها، طالبت المصلحة الولائية للشرطة القضائية بولاية تلمسان مدير عام الوكالة الوطنية لمسح الأراضي، بموافاتها بقائمة تتضمن الحصص المقيدة على سجلات مسح الأراضي، من دون سند، بأقاليم ولايات تلمسان وهران ومستغانم، مع ذكر رقم قطعة الأرض ومساحتها وتاريخ الحيازة والهوية الكاملة وعنوان كل مستفيد.
ويأتي ذلك، بعدما أثبتت نتائج التحقيقات الداخلية التي قامت بها الوكالة الوطنية لمسح الأراضي بولاية تلمسان، اكتشفت على إثرها استيلاء «فتيحة.و» على أزيد من 210 هكتارا من أراضي الدولة والخواص وتحويلها بأسماء أفراد عائلتها وعددهم 59 فردا بالمنطقة المسماة باب العسة.
بولاية وهران التي اكتشفت بموجبه المصالح الأمنية جملة من الخروقات والتجاوزات الخطيرة، امتدت إلى عام 2011، حيث تبين أن المديرة قد استولت على عقار يعود تاريح اختفاء ملاكه الخواص إلى عام 1896، وأوضح تقرير آخر يتواجد على مستوى مكتب التحقيق ، أثبت ارتكاب الأخيرة تجاوزات خطيرة، لما كانت تشغل منصب رئيس مصلحة الأشغال على مستوى الوكالة بمستغانم، مستغلة شبكة تزوير لتجزئة الأراضي بمساحات معتبرة تعود إلى عام 1896، عبارة عن ملكية خاصة تقع بساحل بلدية بن عبد المالك رمضان وتعود ملكيتها الآن للدولة بعد انقراض مالكيها الشرعيين، وهذا لصالح أفراد من عائلتها.
مملكة لتزوير الترقيم الخاص بالمسح للأراضي الموجهة للتوسع السياحي بمرسى بن مهيدي
وفي سياق متصل، أمر قاضي التحقيق لدى محكمة تلمسان بإيداع 06 إطارات من المديرية الولائية لمسح الأراضي، تحت نظام الرقابة القضائية، بعدما تبين أنهم شكلوا شبكة مختصة في التزوير واستعمال المزور لنهب الأراضي الموجهة للتوسع العقاري بالمناطق السياحية. ويعد الملف جزء من العشرات من الملفات المتراكمة في هذا المجال الذي استباح الأراضي السياحية والفلاحية، بفعل زمرة من الموظفين الذين باعوا ضمائرهم لبارونات نهب العقار السياحي، الذين قضوا على مواقع التوسع السياحي والغابات المجاورة للسواحل وأقاموا بنايات على آراضي كانت موجهة للاستثمار، وذلك من خلال التزوير في المواقع وعقود المسح .
هذه القضية وحسب مصدر قضائي متعلقة بتزوير الترقيم الخاص بالمسح للأراضي الموجهة للتوسع السياحي بمنطقة مرسى بن مهيدي، والتي قام بها الموظفين 6، بأمر من المديرية السابقة للمسح لتسهيل عملية نهب العقار السياحي، خدمة لمافيا العقار التي حولت منطقة التوسع السياحي بمناطق مرسى بن مهيدي، مسكاردة1 وموسكاردة2، إلى سبيل للاسترزاق من خلال توظيف أعوان إداريين من مسح الأراضي وأملاك الدولة لخدمة أجندتهم .
هذا وأشار ذات المصدر، أن القضايا المطروحة على مكتب قاضي التحقيق، حركها مواطنون من المنطقة، على خلفية اكتشاف عملية التزوير الرقمي للمخطط المسحي الذي مس حقوقهم، في حين تبقى العديد من القضايا الأخرى، على طاولة مصالح الأمن للتحقيق القضائي، قبل إحالتها على العدالة وتخص بالتدقيق ملفات مرسى بن مهيدي، هنين، بيدر، سوق الثلاثة وسيدي يوشع التي عرفت استنزافا للعقار الموجه للتوسع السياحي، هذا الملف الذي من المفروض أن يجر مسؤولين سامين إلى العدالة .
أحمد ياسين