مزاد... كاب ديزاد
ماكرون… وحرية التعبير

تصاعدت أصوات الجمعيات الحقوقية بفرنسا وهي تندد بما قام به أشخاص ضد الرئيس “إيمانويل ماكرون” وتتوعد بملاحقتهم قضائيا.
من يسمع الخبر، يتناهى إلى ذهنه أن هؤلاء الأشخاص قد تعرضوا بالضرب إلى رئيس فرنسا أو خططوا للتخلص منه، لكن الحقيقة أن هؤلاء الأشخاص قاموا بممارسة حقهم في حرية التعبير، التي تضمنها لهم قوانين دولة الحقوق فرنسا، فلم يتجاوز تعبيرهم رسومات تشبه “ماكرون” بالرئيس الألماني الرايخ “هتلر”، ولم يتدخل ماكرون وينصف هؤلاء الأشخاص، ويحترم معارضتهم له وطريقتهم في التعبير عن مواقفهم من قراراته التي يرونها في غير صالحهم.
وفي نفس السياق، لا يجد “ماكرون” حرجا في التطاول على دول ذات سيادة، تطبق القوانين على مواطنيها، ويتهمها بممارسة التضييق على الحريات، رغم أن ما يصدر عن هؤلاء المحسوبين على المعارضة، إما التجريح، والتعدي على أشخاص يمثلون مؤسسات الدولة، أو تثبت التحقيقات أن ما قاموا به يدخل في إطار العمالة للخارج أو الجوسسة لصالح الأجانب، لكن فرنسا الحقوقية ترى معاقبتهم تعديا على حقوق الإنسان ومساسا بالحريات. في الوقت الذي لا تلتفت فيه المنظمات الحقوقية الدولية إلى الاضطهاد والتعتيم الإعلامي الذي تتعرض له المعارضة بدول الغرب، وتركز كل اهتمامها على المتابَعين بتهم الجوسسة والمساس بمؤسسات الدولة وممثليها بدول افريقيا، الشرق الأوسط والعالم الثالث عموما. وحتى في هذا الاهتمام، فإن هذه الهيئات الحقوقية لا تهتم ولا تتطرق للأشخاص الذين لا ينتمون إليها، حتى وإن كانوا أشخاصا لم يقوموا بالاعتداء على الدولة ورموزها وإنما كشفوا الفساد، فأصبحوا ملاحقين قضائيا في إطار حرية التعبير والحريات، لكن لأن ما يقومون به يعود بالفائدة على بلدانهم وليس الدول التي تدعم هذه المنظمات (الغرب) فإنهم لا يمنحون فرصة الدفاع من طرفها.
وهو ما يعني أن حرية التعبير والحريات العامة ماهي إلا شعار للبزنسة، تتاجر به الدول القوية ضد الضعفاء، وتستعمله كورقة تسلطها على رقاب من يخرج عن طوعها لتحقق رغباتها، وتزيد من هيمنتها على الدول الضعيفة، والحقيقة أنه لا فرق بين الغرب والشرق والدول المتحضرة والمتخلفة في مجال حرية التعبير والحريات العامة.
بقلم: وردة. ق