مزاد... كاب ديزاد
الجزائر… الحصن الذي يغيّر معادلة مكافحة الإرهاب في إفريقيا

م ر
احتضنت الجزائر اليوم، أشغال الاجتماع الاستشاري للخبراء بشأن الخطة الاستراتيجية الإفريقية للعمل في مجال مكافحة الإرهاب، و هي خطوة تبيّن الدور المحوري لبلد المليون و نصف مليون شهيد الذي تجاوز حدود جغرافيتها ، فالجزائر التي دفعت ثمنا باهظا خلال سنوات مكافحة الإرهاب، لم تكتف بتحقيق أمنها الداخلي، بل تحوّلت إلى مرجع إقليمي في صياغة المقاربات الشاملة التي تربط بين الأمن والتنمية والاستقرار السياسي.
و من هنا تأتي أهمية هذا الاجتماع الذي يجمع خبراء القارة تحت سقف واحد، في بلد يملك خبرة ميدانية عميقة اكتسبها خلال سنوات مكافحة الإرهاب، و أصبح اليوم مرجعا في بناء القدرات الأمنية للدول الإفريقية، ما جعله نموذجا ناجحا في القضاء على الإرهاب، و كذا امتلاكه لدبلوماسية تعتمد الحوار والتنسيق ، وتعمل على تعزيز التعاون الأمني والاستخباراتي بين دول الجوار، ناهيك عن الالتزام السياسي الذي يظهر في كل المحافل القارية، أين تدافع الجزائر عن رؤية تقوم على السلم والاستقرار والتنمية المستدامة.
كل هذه العناصر جعلت من الجزائر موطنا لاحتضان هذا الاجتماع ، لغرض الاستفادة من خبرتها ، خاصة و أن القارة بحاجة إلى رؤية موحدة، وإلى إرادة سياسية صلبة، وإلى دول قادرة على قيادة هذا التحول، والجزائر واحدة من تلك الدول.
ومع تسارع التحديات الأمنية عبر القارة الإفريقية، تبرز الجزائر كصوت ثابت لا يتغيّر، وكقوة إقليمية تصرّ على أن الوفاء للالتزامات ليس شعارا دبلوماسيا فحسب، فمنذ عقود، اختارت الجزائر أن تجعل من مكافحة الإرهاب ركيزة أساسية في سياستها الخارجية، مستندة إلى تجربة مريرة دفعت خلالها ثمنا باهظا ، لكنها خرجت منها بخبرة جعلتها اليوم شريكا لا غنى عنه في أي مقاربة جماعية للأمن الإفريقي.
لقد أثبتت الجزائر مرّة تلو أخرى، أن التزاماتها امتداد طبيعي لعمقها التاريخي والجغرافي، ولإيمانها بأن أمن القارة كل لا يتجزأ، لذلك لم تتردد في دعم الآليات الإفريقية لمكافحة الإرهاب، وأنها ليست مجرّد دولة في قلب إفريقيا، بل فاعل استراتيجي يضع خبرته وإمكاناته في خدمة الأمن القاري.
وما يميّز الجزائر اليوم هو استعدادها الواضح لمواصلة هذا الدور، بل وتعزيزه، في ظل التحولات المتسارعة التي تعرفها القارة، فهي تدرك أن مكافحة الإرهاب ليست معركة أمنية فقط، بل مشروعا طويل المدى يتطلب تنمية اقتصادية، وعدالة اجتماعية، وتعاونا إقليميا صادقا، ومن هذا المنطلق، تواصل الجزائر الدفع نحو ديناميكية جماعية بإشراك الجميع.
إن وفاء الجزائر لالتزاماتها ليس مجرد استمرار لنهج قديم، بل هو استثمار في مستقبل القارة، فحين تختار دولة بحجم الجزائر أن تكون ركيزة للاستقرار، فإنها لا تحمي حدودها فقط، بل تفتح أمام إفريقيا أفقا جديدا تبنى فيه التنمية على أساس الأمن، ويصان فيه الأمن عبر التنمية.
