مزاد... كاب ديزاد
المجتمع المدني، البلدية وملْك البايلك

أفزع المجتمع المدني السلطات البلدية وهو يدوي صارخا بضرورة استرجاع الممتلكات العامة، التي استباحتها بعض الأطراف وبزنست بها، في وقت كان كل التركيز منصب لاسترجاع الأمن الداخلي والطمأنينة للشعب في سنوات ظلام.
ما حدث أول أمس بقاعة الاجتماعات بالمسجد القطب “عبد الحميد بن باديس” بوهران، في مواجهة مباشرة بين ممثلي المجتمع المدني والأميار، كُشفت فيها كل نقاط الظل، وتُليت كل الأوراق، وعادت سنوات تمتد إلى 20 سنة، شهدت فيها البلديات أكبر عملية استيلاء على ممتلكاتها الخاصة دون وجه حق، من فضاءات عمومية وسكنات، من طرف غرباء وبتواطؤ كامل من طرف المجالس الشعبية البلدية المتعاقبة، واستمر الوضع، ولم تتحرك البلديات لاسترجاعها. مثال بلديات وهران ليس استثنائيا، بل هو نموذجا لكل بلدية من بلديات هذا الوطن، الذي بيعت فيه مصانع ضخمة بالدينار الرمزي بعد إفلاسها، ووزعت عقارات فلاحية، صناعية، عمرانية وسياحية، دون أن تحترم القوانين، فاستفاق الشعب مؤخرا على “سنوات الضياع”، التي يحاول اليوم تدارك الأخطاء والتجاوزات التي ارتكبت في حقه وفي حق الوطن، بالعمل على نبش ملفات فساد وكساد مشاريع، لمعالجتها وفق القانون، والسعي لبناء دولة حقيقية على أساس توفر العدالة الاجتماعية والخضوع التلقائي للقانون عبر تطبيقه على الجميع دون استثناء.
المجتمع المدني اليوم، يبني نفسه ويسعى لأن يكون شريكا فعليا في بناء الوطن، يكشف الملفات المتعلقة بالفساد، ويرافق مؤسسات الدولة في مشاريع التنمية في كل المجالات، لكن أهم مجال عليه أن يهتم به وينجح فيه، هو مجال “بناء الوعي المجتمعي”، الذي يرتكز على بناء الفرد، فعندما يتمتع الفرد بفكرة “ما له، هو له، وما لغيره لا يقترب منه”، وقتها تعم ثقافة القناعة ومعها الحفاظ على ممتلكات الدولة، إلى جانب ثقافة التبليغ، هذه الأخيرة التي لا يمكن أن تسود إذا لم توفر لها صيغة الحماية القانونية، حتى لا يتعرض للابتزاز ولا اللوم ولا الظلم إذا بلغ الفرد عن الفساد، لاسيما وأن أكبر فساد تعاني منه الجزائر اليوم هو الفساد الإداري بسبب سيادة الفساد الأخلاقي، الذي سيطر على الضمير المهني، وأصبحت المسؤولية المهنية مفقودة في جل المناصب المهنية.
وإذا لم يتخل المجتمع المدني عن ثقافة حمل المحفظة، والتجوال بين صالونات الاجتماعات لالتقاط الصور، وثقافة تسول المال من كل الجهات، وتوجه إلى ترسيخ ثقافة التفكير والإبداع ومناقشة الأمور المشتركة وأداب الحوار، والتعاون مع البلدية، وفتح هذه الأخيرة للباب أمامه والتفاعل مع اقتراحاته بما ينفع سكان البلدية، فإن شعار “ملك البايلك” سيظل راسخا معششا في ذهن الفرد الجزائري إلى يوم يبعثون.
بقلم: وردة. ق