مزاد... كاب ديزاد
“الجاتسكي”… مفترس المصطاف

كلما حل فصل الصيف، تحل معه مصائب البحر، التي يتسبب فيها البشر، فتتحول لحظات المتعة إلى صرحات نجدة من هيمنة مجرمي البحر، الذين يستهينون بصحة وسلامة المصطافين، إشباعا لرغباتهم المريضة.
لا يكاد المصطاف يتخلص من همجية عصابات الشاطئ، فيدفع لصاحب الطاولات والشمسيات، وتبقى المركبة التي أقلته إلى الشاطئ في حكم الغائب، لأن حارس الحظيرة يتلقى العمولة، لكنه غير مسؤول على ما تتعرضه من سرقة أو اعتداء. وهو يحاول أن يتناسى ضغط كل سبق، يقاطعه أصحاب البندير الذين يجوبون الشاطئ، ضاربين الدف لخلق جو المتعة لعشاق الموسيقى، وتتعالى من زاوية أخرى أصوات الأغاني الشبابية، في حين يهيم بعينيه باحثا عن زرقة المياه ومشاهد الأمواج، بين الأمواج البشرية، حتى يظهر أحدهم يجر كلبا أو يمتطي حصانا، ليحدث هلعا بين الجالسين على الشاطئ، لاسيما جموع الأطفال. وبينما الجميع في أخذ ورد بالحديث، ومنهم المستلقي تحت أشعة الشمس لاكتساب الاسمرار، والأطفال يلعبون، وفي غفلة من الجميع، يخترقهم مجنون يقود “جاتسكي”، قادما من مسافة بعيدة من داخل البحر، بسرعة جنونية، صادما كل ما يقابله على الشاطئ، حتى أنه يزهق أرواحا، دون أن يضع لذلك حسابا. فيتحول المكان إلى مراسم جنازة فجائية، ضحيتها مصطاف، ظن أن ذهابه إلى البحر سيمنحه فرصة الاستراحة، وتغيير الجو والاسترخاء من صخب الحياة اليومية.
لقد أصبح ترديد لفظ “جاتسكي” يخيف المصطافين ويرهبهم، إلى درجة أنه أصبح يسمى “المفترِس”، لأنه يصطاد ضحاياه في لحظة غفلة، وتحد لحراس الشواطئ، الذين يسعون لحماية المصطافين من الغرق، وإذا بهم يفقدونهم وهم يستمتعون على رمال الشاطئ. فأصبح الجميع يرفض وجوده بالبحر وراكبه يستعرض مهاراته على مقربة من الشاطئ في خرق واضح لشروط ركوبه.
فهل سيتم إقرار قانون صارم يصل حد السجن لمن يسيء استعمال “الجاتسكي”؟ أم تعيد السلطة المخولة النظر في من يقوم بقيادته أثناء تأجيره للمصطافين؟ أم يمنع نهائيا استعماله على مسافة قريبة من الشاطئ؟ ام سيبقى يحصد الأرواح تباعا؟.
بقلم: وردة. ق
