مزاد... كاب ديزاد
الجزائري… مشروع شهيد

يتكلم ويتشدق البعض ببلدانهم من وراء حكامهم، ويستغلون مواقع التواصل الاجتماعي للتنمر على غيرهم، لكنهم في الواقع لا يعرفون معنى الوطن. هؤلاء لا قوة ولا جرأة لديهم للمواجهة على أرض الميدان، مصيرهم إما الفرار بجلودهم أو الاستسلام أو العمل كمخبرين خائنين ضد رجال بلدانهم الوطنيين، وهنا أستثني الضعفاء من الشعب (مرضى ونساء، شيوخا وأطفالا). لكن الجزائري ولد حرا لا يرضى بالذل والهوان ولو على حساب روحه، وهنا أستثني ذلك الذي رضع حليب الانبطاح والعمالة والخيانة أبا عن جد، وعدد هؤلاء معروف لدى الجزائريين وأمرهم محسوم. الجزائري يستفرد بين شعوب العالم بالنخوة والوطنية الزائدة، وإن كان يراها البعض ممن لم يعايشوا الثورة الجزائرية “النادرة تاريخيا”، مضخمة ولا تقترب من الواقع، بيد أن الحقيقة واضحة وجلية، فكم من جزائري استفزه البعض باستصغار الجزائري أو تقزيم الجزائر، انتهى بإسقاطهم أرضا أو إحالتهم على المستشفى بإحداث عاهة مستديمة، تذكره بمعنى الجزائر كلما نظر إلى المرآة.
الجزائري يعز عليه دم أجداده الذي سقى تراب وطنه، فهو يرى أن الاقتراب من الجزائر هو اعتداء على شرفه، فالجزائر بالنسبة له هي أمه وابنته وأخته وزوجته وقريبته، اللاتي ينتقم لشرفهن على حساب روحه. الجزائري يسخر ويتنمر على دولته بطريقته، يعاتب وينقد وينتقد حكامه بأسلوبه. يسخر من غلاء الأسعار ويتهكم على وعود المسؤولين الزائفين، لكنه يهاجم ويتحول إلى وحش كاسر كل من تسول له نفسه الاقتراب من جزائره وشعبها وجيشها وحتى من ينبذهم أحيانا من الأشخاص الذين لهم يد في الحكم. فالجزائري يفرق بين البلد كتراب وخيرات أطعمته وكونته وصيرته رجلا لا يثنى له ذراع، وبين أشخاص يختلفون في أسلوب الحكم والتعامل مع الشعب. فهو يعشق وطنه ولا تعني له خيرات الدنيا شيئا أمام حفنة تراب جزائره، فهو قابل للعيش فيها بكل سلبياتها قبل إيجابياتها، وحاجتها قبل غناها، وللمكذبين فصل مع العشرية السوداء درس في إخراج الدولة من بوتقة حطام كادت تقضي على دولة اسمها “الجزائر”. فالجزائري مستعد للموت في كل لحظة ولكنه ليس مستعد لتقبل أي مساس ببلده تحت أي مسمى ومن أي طرف كان. وهو كذلك لأن الجيش عقيدة تسكنه، وحمل السلاح لديه فرض عين للدفاع عن جزائره.
ولأن كل الجزائريين بنفس الشغف والعشق لوطنهم، فإنهم لا يفرقون بين أنفسهم كشعب وبين نظاميين منتمين إلى المؤسسة العسكرية، فإن كل جزائري يرى نفسه مشروع شهيد في سبيل الحفاظ على وحدة البلاد والشعب وضمان مكتسبات الاستقلال لقادم الأجيال.
بقلم: وردة. ق