مزاد... كاب ديزاد
الانهزامية محرمة على الجزائري؟!

بقلم وردة. ق
تتعالى الأصوات وتنخفض وفقا للمصالح، وتغمض العيون وتسد الآذان حفاظا على المناصب، وتجف المشاعر وتداس الإنسانية تجنبا لتوريطهم في أخطاء، تجاوزات وجرائم يكونون قد ارتكبوها وهم يتولون مناصبهم، حتى هانت القضية الفلسطينية، وأصبحت مسألة يتساوى فيها الفلسطيني الأعزل صاحب الأرض مع المحتل المزود بأحدث الأسلحة مغتصب الأرض، ولم يعد يظهر لهم فرق بين الضحية والجلاد.
الشعوب العربية المتشبعة بصدق القضية الفلسطينية وحق شعبها في تحرير أرضهم ونيل استقلالهم، بدأت تزيد من شحنات مطالبها لحكامها بنصرة فلسطين والوقوف إلى جانب غزة ومساعدة سكانها العزل الذين يقتلون بأبشع الطرق من طرف الكيان وعلى مرأى ومسمع من العالم، وهي الحقيقة التي يرفض معظم الحكام العرب تجاهلها، وعوض أن يستجيبوا إلى طلبات شعوبهم بالإيجاب، ويلغوا تطبيعهم، ويقطعوا علاقاتهم مع دولة الكيان الوهمية، لجؤوا إلى أبسط الحلول وأسهلها على شعوبهم وأكثر قبولا عند أسيادهم، فاعتمدوا خطاب “الانهزامية”، الذي يقلل من شأن المقاومة الفلسطينية ويشعرهم بالنهاية الفاشلة لحركة حماس وأنها لن تستعيد أرض فلسطين المسلوبة ولن تتغلب على قوى الغرب مجتمعة، وأنه لا فائدة من وراء فلسطين غير الخسارة.
في المقابل رفضت الجزائر أن تسمي حركة حماس “إرهابا” أو تتخلى عن مساندتها، فقد أعلنها الرئيس “عبد المجيد تبون” علانية بأنها حركة “مقاومة” وما تقوم به حق مشروع لاستقلال وطنها، والمقاومة حق كل أمة سلبت أرضها. وتطابق خطاب الجزائر الرسمي مع طلبات شعبها، ولم يقف الأمر عند الدعوة والتأكيد على نصرة فلسطين وقضيتها فقط، بل تعداها ليكون كل جزائري يرى أن المقاومة الفلسطينية تجني ثمارا وتحقق نتائج باهرة على أرض الميدان، ويردد أن عناصر المقاومة ألحقوا هزائم نكراء بحشود القوة الغربية التي تدعم الكيان، وأن كتائب القسام كشفت البيت الوهن لقوة الكيان، بعدما أسرت قادة وضباطا من جيشه، ودمرت عشرات الآلات العسكرية وحطمت كذبة “القبة الحديدية”، وهم يتداولون فيديوهات داعمة وتظهر إنجازات المقاومة، وقدرتها على استرجاع شرف العرب الذي ضاع بين المناصب وتفرق بين القمم والمؤتمرات المساوية بين الضحية والجلاد.
الجزائري بطبعه لا يلتقي بالانهزامية أبدا، فهو صاحب شعار “النيف والخسارة”، لا ينحي ولا ينبطح ولا يسمح في حقه مهما كان، ولا تحدثه عن الجزائر أو وحدة وطنه، لأنه يعتبر التخلي عن شبر من ترابها أو حدودها هو تخليه الحقيقي عن شرف أمه أو زوجته أو ابنته أو شقيقته أو قريبته للتعدي عليه من طرف الآخرين، أما القضية الفلسطينية فهي عقيدة يولد بها، ولو أن الظروف متوفرة لدخول فلسطين، فإن الشعب يسبق الجيش إلى هناك. الجزائري يرى أن الوطن لا يساوم وكل الطرق مشروعة لاسترجاعه، وهو واجب وفرض عين، ومتأكد أن العزيمة والشجاعة وحدها تهزم المحتل، لأنه حارب أعتى دول العالم في القرن الماضي قوة وتسليحا، بأبسط سلاح، وهو ما تقدم عليه المقاومة الفلسطينية، وما النتائج التي تحرزها حاليا إلا دليل على قوة إيمانها بالنضال وشجاعتها في دخول الحرب معتمدة على نفسها لا على الدول العربية المنبطحة.
تحقيق النصر وكسب المعركة لا يعني أن الحل هو الحوار، بل تحقيق الاستقلال يتطلب قائمة طويلة من الشهداء، فالأرض حين تتشبع بالدماء الطاهرة لشعبها تلفظ المحتل ولو بعد حين.