دولي

هذه قصة “إيسكوبار الصحراء” الذي فجر المغرب وفضح رجاله من داخل قبوه 

غزالة. م 

تتواصل حلقات مسلسل الفضيحة المغربية “إيسكوبار الصحراء” الذي هدم بيت المخزن، وكشف عورتها للعالم، وفضح رجالات الدولة وجعلهم عراة في مصاف المجرمين العالميين في مجال المتاجرة بالمخدرات وتبييض الأموال وشراء المناصب في مختلف المجالات لاسيما المجالس المنتخبة والرياضة، وهو قابع بزنزانته بسجن الجديدة في المغرب عبر نشر “فُتات” أسرار المخزن بصحيفة “جون أفريك”.

حيث وصلت محاضر الشرطة إلى ما يفوق 500 محضر، يخص كل من “المالي” مفجر الفضيحة، “عبد النبي البعيوي”، “سعيد الناصري” اللذين اتضح أن هدفهما من دخول عالم تجارة المخدرات هو السيطرة على قارة افريقيا ودول المتوسط في مجال الكيف والكوكايين وحتى الحبوب المهلوسة.
وفي هذا الشأن، قدمت طليقة “البعيوي” شهادة، كشفت فيها استيلائه على 28 شقة فخمة دون وجه حق ب”مارينا السعيدية”، ويشرف عليها الملياردير “اليازيدي”، الناصري هو الآخر أحكم قبضته على فيلا فخمة بشارع مكة الشهير، إلى جانب باقي الشخصيات التي كانت تستغل لتبييض الأموال عبر إنجاز استثمارات وخلق منافذ لتوسيع سوق المخدرات.
وكان “الحاج أحمد بن براهيم” الملقب ب”المالي” قد وقع في قبضة الأمن المغربي عند نزوله في مطار “محمد الخامس”، وتحويله إلى سجن “الجديدة” لتمضية عقوبة 10 سنوات سجنا نافذا، في قضية لم يحضر جلساتها ولم يكن على علم بها أصلا، وإلا ماكان حضر للمغرب.
قدوم “إيسكوبار الصحراء” إلى المغرب كان تلبية لدعوة شريكه المغربي “البعيوي”، الذي طلب منه الحضور للتفاهم حول الطريقة التي يتم بها إعادة 330 مليار إلى المالي، بعدما طلبها منه هذا الأخير، عقب توديعه للسجون الموريتانية في 2019، بعدما قضى 5 سنوات سجن فقط بعدما تدخل المال وكان قد حُكم عليه بالمؤبد. وكان “المالي” قد سقط في شراك الأمن الموريتاني بعد مطاردة هوليوودية، بعد صدور مذكرة قبض دولية من طرف “الانتربول” في 2015، إثر اكتشاف تورطه في تجارة المخدرات عبر شبكات عابرة للقارات، وتوغله بأوروبا بشكل خاص. وبالعودة إلى “البعيوي” فإنه كان قد تعرف على “الحاج احمد بن براهيم” عبر وساطة زوجة هذا الأخير الفنانة المغربية الشهيرة “لطيفة رأفت”، وعرفته على الكثير من الشخصيات الكبيرة في المغرب، على غرار “الناصري” وشخصيات مهمة، سمحت له بنسج شبكة تعارف قوية، سمحت له بدخول المغرب والانطلاقة في تجسيد أحلامه ليكون إمبراطورا للمخدرات تحت غطاء إنجاز مصانع وتجسيد استثمارات.
كيف أسقط “المالي” وهم مملكة العدالة والحقوق؟؟
عندما دخل “إيسكوبار الصحراء” السجون الموريتانية كان قد أقرض سابقا المغربي “عبد النبي البعيوي” 330 مليار، وطلب منه مساعدته على إدخالها إلى المصارف المغربية، لتصبح اموالا قانونية، وعند خروجه من السجن، طالبه بإعادتها بعدما لم يودعها بالبنك. فقام “البعيوي” بالتنسيق مع معارفه بخلق قضية له، حكم عليه فيها ب10 سنوات سجن، تم بموجبها إصدار مذكرة توقيف محلية في حقه، لم يعلم بها حتى وصل مطار “محمد الخامس”، وعندما علم “المالي” أن شركائه بالمخزن يحاولون التخلص منه، والخروج من كل ما يربطهم به، أتقن صناعة “لعبة الانتقام” وتطبيق مقولة “عليا وعلى أعدائي”، فقد قام “المالي” بالتواصل مع أحد أبناء عمومته بدولته مالي، من داخل سجنه بالمغرب، وقدم له كل المعطيات الدقيقة والصحيحة، بخصوص شبكات معارفه وشبكات المتاجرة بالمخدرات وتبييض الأموال، وأمره بتقديمها إلى صحيفة “جون أفريك”، هذه الأخيرة التي لم تتأخر في نشر ما وصلها، لينتشر الخبر في كل أصقاع العالم، ويصبح المغرب حديث العالم والخاص، وهو تحت فضيحة دولية، بطلها “مالي”، عرا الحكم المخزني وكشف رجالاته، وفضح استشراء أخطبوط الفساد على كل المستويات وفي كل المجالات، فأصبح المخزن مجبر على الاهتمام بالملف وفتح تحقيق يخص الشبكة التي كشف عنها “إيسكوبار الصحراء”.
من هو “إيسكوبار الصحراء” وكيف أصبح امبراطورا؟
 هو “الحاج أحمد بن براهيم”، ملقب ب”إيسكوبار الصحراء”، من مواليد مدينة “كيدال” بدولة “مالي” من أم مغربية (وجدة) وأب من “مالي في سنة 1976، عاش حياة بسيطة، امتهن رعي الإبل. وفي أحد الأيام صادفه سائح “فرنسي” بصحراء مالي، استعان به لتحديد وجهته وسط الصحراء، ولأن وضعه كان بسيطا جدا، فقد أراد الفرنسي شكره على مساعدته، عبر إهدائه سيارته الخاصة، لكن الشاب المالي كان ذكيا، فقام ببيع السيارة وأرسل ثمنها إلى الفرنسي. هذا الأخير أعجب بتصرف المالي، وبدا له أنه يستحق ثقته ويمكنه أن يعطيه فرصة للعمل معه، فأصبح يشتغل مع الفرنسي في تصدير واستيراد السيارات بين أوروبا وافريقيا. نشاط المالي في سوق السيارات، أكسبه خبرة في طرق التنقل والمنافذ البعيدة عن المراقبة والمناطق الافريقية، وشلكة علاقات متشعبة وكثيفة لاسيما مع رجالات الجمارك، الدرك، حراس الحدود وغيرهم من رجال المال والأعمال، لاسيما شمال افريقيا خاصة المغرب، بعدما انتقل إلى النشاط في مجال المعدن الأصفر “الذهب” و المجوهرات. نشاطاته الموسعة جعلته يكتشف عالما أوسع ويدر أموالا لا تعد ولا تحصى، وهي تجارة المخدرات، فخبر العمل فيها، وهنا تنقل الى “أمريكا اللاتينية” وبالضبط دولة “بوليفيا”، حيث تعرف على أباطرة “الكوكايين” هناك، فأصبح يقلها من ذاك البلد إلى غرب افريقيا، وبعد تمكنه من التحكم في هذا النشاط، وصل حد الزواج من إحدى بنات أحد الجنرالات ببوليفيا مقابل صفقة كبيرة للكوكايين. شاع اسم “إيسكوبار الصحراء” وأصبح معروفا في عالم تجارة المخدرات، وبدأ في توسيع نشاطه، فلم يكتف بمالي فقط، بل اتجه إلى اكتساح سوق المخدرات لاسيما الكوكايين بدول الساحل وشمال افريقيا، لاسيما النيجر، موريتانيا والمغرب، هذه الأخيرة التي أحكم قبضته على تجارة “الكيف أو الحشيش” فيها، فحول سواحل “السعيدية” إلى منطلق للتوجه نحو مصر وليبيا وصولا إلى أوروبا، وسواحل مدينة الجديدة للتوجه نحو موريتانيا، جنوب الصحراء والساحل.
غرق “إيسكوبار الصحراء” في الأموال، دفعه إلى التفكير في تحويلها إلى استثمارات، تخفي نشاطه الرسمي في المخدرات، فاتجه لشراء عقارات بمناطق متفرقة في العالم، اشترى جزيرة تقع في دولة غينيا، فندقا ضخما بمربيا، أراض كثيرة في أوكرانيا، قصرا ملكيا ببوليفيا، التي يملك بها أراض شاسعة تخص زراعة الكوكايين. أما المغرب الذي يعتبر مسقط رأس والدته، فقد اشترى فيه عديد الشقق الفخمة ويخت ملكي بمارينا السعيدية، فيلات فاخرة بمدينة “وجدة” وعديد المصانع وشركات البناء والتجهيز.
استحواذ “إيسكوبار الصحراء” على عديد العقارات وإنشاء المصانع المختلفة بالمغرب، جعله في أمس الحاجة إلى نسج علاقات على أعلى مستوى، لضمان الحماية والحفاظ على ثروته، فاختار أن يوثق تواجده بالمغرب ليسهل تحركاته، عبر الزواج من الفنانة المغربية الشهيرة “لطيفة رأفت”، التي تربطها علاقات صداقة مع عديد الشخصيات الحاكمة بالمغرب، وكانت هي المفتاح لإيسكوبار الذي بسط نفوذه على المغرب، حتى أنه اشترى ذمم المسؤولين والسياسيين في مناصب عليا، سمحت له بأن يعيش ملكا موازيا ويفرض شروطه على أقوى الشخصيات، لاسيما وأنه تمكن من الوصول إلى فرض رغبته وترشيح من يخدم مصالحه، فيمول حملته الانتخابية ويدفع المال ليفوز بالمقعد، وحتى تعيين الأشخاص في مناصب حساسة، وهو ما جعله يبسط هيمنته على الكثير من الأمور التي تخص المغاربة، على غرار صديقه “عبد النبي العبيوي” المسؤول بحزب الأصالة والمعاصرة ورئيس جهة الشرق، كذلك بالنسبة للناصري الذي بقي رئيسا للوداد البيضاوي، وصنع أحلام المغربيين عبر شراء المقابلات بدفع سخي من إيسكوبار الصحراء.
كيف سقط المالي؟ 
كثرة نشاط “إيسكوبار الصحراء” وتنقلاته الكثيرة، وازدهار تجارته في المخدرات، انكشفت خيوطها بأوروبا، ووصلت التحقيقات إلى موريتانيا، فسارع الانتربول إلى مراسلة السلطات الموريتانية، التي ألقت عليه القبض، وسارت القصة كما وردت تفاصيلها في بداية المقال، في انتظار الأسرار التي ستكشفها التحقيقات التي مازالت في بدايتها، وسقوط الشخصيات الهامة لاسيما في قطاع الرياضة، التي بدأت تنهار سمعتها عالميا، وصورة المغرب تضرب دوليا في أكبر فضيحة تخص تجارة المخدرات في العالم.
وفيما يلي قائمة الأشخاص المهمين الذين تم وضعهم بالحبس الاحتياطي “عكاشة” حتى انتهاء التحقيقات القضائية:
عبد النبي البعيوي: برلماني سابق، مسؤول بحزب الاصالة والمعاصرة، رئيس جهة الشرق.
عبد الرحيم بعيوي: رئيس جماعة الصفا بوجدة.
سعيد الناصري: رئيس فريق الوداد البيضاوي.
نوفل حمامي: عميد شرطة ممتاز
سعيد الطنجي: عميد شرطة ممتاز
سليمة بلهاشي: موثّقة
مير بلقاسم: برلماني سابق عن حزب الأصالة و المعاصرة
محمد المعزوزي: دركي
حميد أوميا: دركي
فؤاد اليازيدي: رجل أعمال
دليلة بزوي: مصممة أزياء
عبد الرحمان الدخيسي: مستخدم
توفيق بن عيادة: مستخدم
الحسن الماني: مسير شركة
العربي الطيبي: مستخدم بالخارج
رشيد حمو: صبّاغ
خالد سداس: مستخدم
الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

error: جميع نصوص الجريدة محمية
إغلاق