وهران
مختصون بكلية العلوم الاجتماعية يرافعون لإعادة تعريف الفئات الهشة في الجزائر

جميلة.م
شدد مختصون مشاركون في الملتقى الوطني المنظم بكلية العلوم الاجتماعية بجامعة وهران 2، صباح اليوم، تحت عنوان “الفئات الهشة في الجزائر: المشكلات والسياسات الاجتماعية”، على ضرورة إعادة تعريف الفئات الهشة في الجزائر بما يعكس الواقع الاجتماعي والاقتصادي المتغير، مشيرين إلى وجود فئات تعاني من هشاشة فعلية لكنها لا تندرج ضمن التصنيفات القانونية المعتمدة حاليا.
وقد أكد الباحثون، أن التصور القانوني للفئات الهشة لا يشمل جميع الفئات التي تعاني من التهميش أو ضعف الرعاية، حيث توجد فئات مثل الأمهات العازبات والمحبوسين السابقين، تعاني من ظروف معيشية صعبة دون أن تحظى باعتراف كاف في السياسات الاجتماعية الرسمية. وأشاروا إلى أن الاعتراف القانوني وحده لا يكفي، إذ يجب أن يقترن بآليات دعم فعالة وملموسة على أرض الواقع.
كما لفت المتدخلون إلى أن حتى الفئات المصنفة ضمن ذوي الاحتياجات الخاصة، تعاني من تفاوت في مستوى الاهتمام والرعاية. فمثلا، يواجه ذوو الإعاقة البصرية صعوبات تختلف تماما عن تلك التي يواجهها ذوو الإعاقات الحركية، الأمر الذي يستدعي مقاربات متخصصة تتلاءم مع خصوصية كل فئة.
وفي هذا السياق، صرحت الأستاذة راشدي خضراء، أستاذة التعليم العالي بقسم علم السكان وعضوة في مخبر استراتيجية السكان والتنمية المستدامة، ورئيسة فرقة بحث السكان وقضايا التنمية، بأن الملتقى جاء في إطار نشاطات المخبر وضمن مسعى دعم أهداف التنمية المستدامة التي التزمت بها الجزائر في أفق 2030. وأضافت أن هذا اللقاء العلمي جمع أساتذة وباحثين من جامعات ومؤسسات متعددة، إلى جانب ممثلين عن المجتمع المدني مثل جمعية مكية الآمنة وجمعية القلب المفتوح، وممثلي اللجنة الولائية للهلال الأحمر الجزائري.
ودعت الأستاذة راشدي إلى ضرورة تطوير شراكات حقيقية بين الجامعة والمؤسسات الرسمية، خصوصا وزارة التضامن الوطني، من أجل توفير بيانات دقيقة وشاملة حول الفئات الهشة. وأكدت أن غياب الإحصائيات الدقيقة يمثل عائقا كبيرا أمام الباحثين في تحليل الوضع ووضع حلول ناجعة، مضيفة أن المجتمع المدني يمكن أن يكون شريكا أساسيا في هذا المسار، من خلال ما يملكه من تجارب ميدانية ومعطيات مباشرة من الواقع.
وقد خلص الملتقى إلى مجموعة من التوصيات أبرزها ضرورة مراجعة التصنيفات الرسمية للفئات الهشة، وتبني سياسات اجتماعية متكيفة مع طبيعة واحتياجات كل فئة، وتعزيز آليات التنسيق بين الجامعة، الهيئات الحكومية، والمجتمع المدني. كما دعا المشاركون إلى إشراك أكبر للباحثين في صياغة السياسات العمومية، وتوفير منصات دائمة للتشاور والتقييم والمتابعة.
هذا و شكب هذا الحدث الاكاديمي فرصة لإطلاق نقاش وطني واسع حول فئات تعاني في صمت، ولا تزال بعيدة عن أولويات السياسات العمومية، رغم ارتباط هذا الملف ارتباطا مباشرا بأهداف العدالة الاجتماعية والتنمية المستدامة.