وهران
الحليب بوهران… المستهلك بين استنفار التنظيمات وإرهاص الملبنات

تعيش وهران أزمة نقص حادة في مادة الحليب، حيث تراجع تكوين الولاية، تبعا للاجراءات القانونية المتبعة مؤخرا، والتي أدت إلى عزوف الموزعين، ناهيك عن عدم وجود ملبة عمومية تزود الولاية بالحليب.
حيث ذكر رئيس فدرالية موزعي الحليب “معمر اسماعيل” أن غياب ملبنة عمومية بعاصمة الغرب الجزائري، أثر بشكل سلبي علي الخواص، الذين راحوا يشقون رحلة البحث بمختلف الولايات، على غرار تلمسان، معسكر، عين تموشنت، سيدي بلعباس و مستغانم، لتزويد نقاط البيع، اللاتي يشرفون على تغطيتها بمادة الحليب، مما جعلهم يواجهون عقوبات صارمة تتعلق بالمضاربة، التي تهدد مستقبلهم بتسليط عقوبات سجن تصل إلى عتبة 10 سنوات. موضحا أن هذه القوانين مهمة وذات نتائج إيجابية في حق أشباه التجار الذين يستغلون الأزمات لاستنزاف جيوب المواطنين.
وفي السياق ذاته، جدد “عابد معاذ” المنسق الولائي للاتحاد العام للتجار والحرفيين الجزائريين لوهران، مطلب دعم وهران بمشروع إقامة وحدة إنتاجية تابعة لمجمع “جيبلي” على ترابها لتمكينها من تغطية احتياجات سكانها من الحليب المدعم، وتخليصها من مشاكل التبعية إلى ولايات أخرى، وما يحمله ذلك من مفاجآت في التموين، وكذلك لتقليص أعباء إضافية يتكبدها الموزعون من خلال متطلبات النقل وموارد التسويق البشرية، وكذلك المستهلكين في المقام الأول.
الملبنات الخاصة تغطي 30% من احتياجات وهران، وموزعو “الحليب المبستر” يتناقصون

من جهته، تطرق رئيس اتحادية فدرالية موزعي الحليب “معمر اسماعيل” إلى أن موزعي الحليب المبستر، البالغ عددهم على مستوى ولاية وهران 50 متعامل، أصبحوا يواجهون شبح البطالة، لنضوب الإنتاج، وتقييدهم من طرف وحدات القطاع العام بمعاملة البيع المشروط، التي تسهم بشكل كبير في رفع سعر الكيس الواحد إلى ضعف سعره القانوني، ليصل إلى المستهلك بقيمة تتراوح بين 40 دج إلى 50 دج، بغض النظر عن تجاوزه في بعض المناطق سقف 60 دج، وذلك من خلال فرض الملبنات العمومية على الموزعين تسويق باقي منتجاتها القليلة الرواج من مشتقات الحليب.
وفي نفس الموضوع، أكد “معمر اسماعيل” أن الملبنات التابعة للخواص، الموزعة عبر الولاية، توفر ما بين 150 و160 ألف لتر يوميا، في الوقت الذي يحتاج فيه المواطن الوهراني أكثر من 300 ألف لتر يوميا، أي أن النسبة التي توفرها الملبنات الخاصة لا تغطي أكثر من 30% من احتياجات الولاية.
وحسب ذات المتحدث، فإنه استنادا إلى معطيات موثوقة، فإن إجمالي التموينات التي تستقبلها ولاية وهران من الوحدات الأربع لإنتاج الحليب المدعم بغرب البلاد، سيطرأ عليها تعديل، من خلال لجوء هذه الأخيرة مضطرة تحت ضغط أزمة المادة الأولية المستوردة إلى تقليص حصصها الموجهة إليها، والتي لا تتجاوز معدلاتها في أحسن الأحوال حاليا ما بين 20 ألف إلى 30 ألف لتر يوميا، في المجموع إلى حوالي النصف، ما يعني أن 50% تقريبا من حجم التوزيع القادم من خارج الولاية سيتوقف، بسبب ارتباط منتجي الحليب في كل من ولايات سعيدة، سيدي بلعباس، تلمسان ومعسكر تحديدا بواجب تأمين احتياجات سكان هذه الولايات في المقام الأول. في مقابل أن كافة ملبنات الخواص المحدودة جدا والمتواجدة على تراب ولاية وهران تبقى عاجزة هي الأخرى عن إنتاج أكثر من 55 ألف لتر يوميا في المجموع، وهذا باحتساب منتوج الوحدات التي لا تزال عملية وقيد النشاط في الوقت الراهن، ممثلة في ملبنات السانيا، عين البيضاء وبن فريحة.
معرجا على السعر المقنن الذي فرضته الدولة والمقدر ب25 دج للكيس الواحد من الحليب، وهو ما اشتكى منه عدد كبير من الموزعين، كون أن هامش الربح المقدر ب2 دج، بات لا يغطي تكلفة تنقل هؤلاء إلى خارج الولاية لجلب الحليب من الملبنات المتواجدة بالولايات المجاورة التي سبق ذكرها، موجها نداءا للوزارة المعنية على لسان باقي شركائه بإعادة النظر في هامش الربح.
التعليمة الوزارية الأخيرة تهدد شعرة معاوية بين التاجر وموزع الحليب

وفيما يتعلق بتداعيات التعليمة الوزارية الأخيرة القاضية بفرض التأشير على ورقة التزام الموزع من طرف تجار التجزئة، فقد أوضح رئيس فدرالية موزعي الحليب أنها تلقى رفضا واسعا من أغلب هؤلاء المتعاملين، في الوقت الذي تغيب فيه جميع الحلول لمعالجة ملف الحليب المعقم، الذي لا يزال سعره القانوني في ولاية وهران إلى الآن حبرا على ورق، وبحجم توزيع بالكاد ينفد فيها قبل السابعة صباحا. وقد يشترط حجزه لعينة من المستهلكين الأوفياء توصية مسبقة أو رابط قرابة من بقال أو لبان الحي، وهو ما يشير حسبه إلى أن القادم سيحمل المزيد من التأزم والأعباء، خاصة على فئة متوسطي وضعيفي الدخل، ممن يمثل لهم هذا المنتج المصنف في خانة المدعم مادة أساسية ليس لهم بديلا عنها.
وهو ما ذهب إليه المنسق الولائي للإتحاد العام للتجار والحرفيين الجزائريين لوهران، عقب ما خلفته عمليات التحسيس التي شرع فيها المكتب الولائي للاتحاد مؤخرا، بشأن تعليمة وزارة التجارة، والقاضية حال دخولها قريبا حيز التنفيذ، فرض التأشير على ما يسمى بورقة التزام موزعي الحليب على كافة تجار التجزئة، من انتقادات ورفض في أوساط أغلب المعنيين، ذلك أن الإجراء يقتضي من هؤلاء الحيازة على أختام مدموغة بأسمائهم وأرقام سجلاتهم التجارية وعناوين مقرات النشاط الخاصة بهم.
مضيفا أن كثيرا من التجار يرون أن القرار ارتجاليا، على اعتبار أنه تم إيداع سجلاتهم التجارية لدى الملبنات الخاصة والعمومية في وقت سابق ليس ببعيد، وهي عملية يعتبرونها كافية من أجل السماح للوصاية بالتحكم في عمليات تموين السوق بالحليب المدعم وإنجاحها. في مقابل وجود عينة أخرى من التجار المعتمد عليهم في توفير هذه المادة في مناطق بعيدة ولا يحوزون على سجلات تجارية. الظروف التي باتت تشجع فئة من تجار التجزئة على التخلي عن التعامل مع موزعي الحليب المبستر، بسبب كثرة المشاكل المترتبة عن بيعه، وصل بعضها إلى المتابعات القضائية، ناهيك عن شكاوى تجار من توزيعه على مستوى محلاتهم في ساعة متأخرة من الليل. وجميعها عوامل تهدد بحرمان المستهلكين من الوصول إلى هذه المادة الغذائية الأساسية.
أحمد ياسين