مزاد... كاب ديزاد

التجميل… “يا المزوق من برا واش حالك من الداخل”

بدأت عيادات التجميل في الانتشار كالطفيليات، في كل البلدان، بعدما كانت عيادات متخصصة في المجال، أصبحت تفتح يوميا عشرات المحلات، أمام طوابير الزبونات والزبائن.

العيب ليس في العدد المهول لعيادات التجميل بعدما كانت تقتصر على دولتي تركيا وتونس فقط، أصبحت في كل الدول، لكن العجيب أنه بعدما كان يشرف على العمليات أطباء ومختصون بشهادات جامعية عليا، أصبحت شهادات التمهين تمنح في دورات التكوين التي لا تتعدى 3 أيام. فلم يعد المستوى الدراسي ولا التخصص يؤثر على شهادة تسمح لصاحبها امتهان التجميل، بل حتى الفضاء الذي تمارس فيه هذه العمليات لا تخضع لشروط، قد يتم ذلك في غرف شبه جحر لضيقها، وقد تستعمل مواد كيميائية وعلاجية وأدوات منتهية الصلاحية، فتتحول جلسة التجميل التي استهلكت أموالا كبيرة، إلى بداية رحلة عذاب لصاحبتها نفسيا وصحيا وماليا، بعد التشوهات التي تطرأ على مواضع جسدها الخاضعة للعملية. وتعج اليوم العيادات الطبية بضحايا عمليات التجميل، بعدما تحولت إلى عمليات تمارسها المرأة الماكثة بالبيت والحلاقة المختصة في قص الشعر والرجل الذي كان يتاجر فقط في “الحجامة”، فتحولت الإناث إلى أجساد منفوخة بين شفاه وأرداف، وشفط للدهون وشد للخدود والجفون… .
بعدما في الماضي كانت عمليات التجميل تقتصر على المشوهين خلقيا، أصبحت جل النساء تتهافت على عيادات التجميل، والغريب أن معظمهن واعيات ومثقفات ولهن مستوى علمي يسمح لهن بالتفريق بين عيادة متخصصة معتمدة وبها أطباء مختصين وبين محل تجاري لكسب المال. وهنا يطرح السؤال الملح: لماذا أصبحت المرأة غير راضية على مظهرها العادي؟ وغير مقتنعة بشفتيها الطبيعيتين؟ ما الذي ستجنيه من نفخ الصدر والأرداف؟ . حتى أصبحت المرأة التي ترفض القيام بعمليات التجميل تبدو بمنطق المرأة المعقدة والخارجة عن التاريخ، بدائية التفكير، في الوقت الذي يؤكد أن الحقيقة غير ذلك، فإصرار المرأة على عدم الخضوع لعمليات تجميل ورضاها بجمالها وقوامها الطبيعي هو دليل على قوة ثقتها بنفسها، وأن شخصيتها صلبة غير قابلة للاهتزاز، في حين المرأة التي ترمي أموالها في سلة النفايات، لأنها تسارع للخضوع إلى عملية تجميل معينة، ثم بعد التنمر عليها، تتراجع وتصرف أضعاف ما صرفت لتعديل العملية السابقة، وهنا تدخل مرحلة الشكوك النفسية، التي تؤثر عليها وعلى تصرفاتها، فتنسى نفسها كشخص وتنغمس في مسلسل العمليات لا لتعجب بنفسها بل لتقنع غيرها، بأنها أصبحت جميلة وأموالها المهدورة تستحق ذلك. وبالموازاة تضيف إلى قائمة أطباء التجميل، عيادة العلاج النفسي، لتخضع لجلسات نفسية لاسترجاع ثقتها بنفسها.
المرأة اليوم أصبحت في أغلب الصور عبارة عن “دمية تتنفس طبيعيا”، جسد منفوخ وداخل مهزوز، حتى الابتسامة الطبيعية محرومة منها، والحركة محدودة، حتى الحمل صعبا، بعدما أصبحت الشابات وهن في فترة العزوبة تخضع إلى عمليات تجميل تتحول إلى كابوس ينغص حياتها بعد الزواج.
عمليات التجميل تحولت من مسار لإظهار الجمال إلى شبح يهدد مستقبلها.
فهل من جهات مختصة تتناول الموضوع بجدية، تدرس أسبابه وتضبط قواعده، حتى تحافظ المرأة على أنوثتها الحقيقية وتترفع عن مظاهر الدمى؟!

بقلم: وردة. ق
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

error: جميع نصوص الجريدة محمية
إغلاق