مزاد... كاب ديزاد

الهجرة… طبع إنساني متجدد

منذ وجد الإنسان على وجه الأرض وهو يسعى لإشباع رغباته، وبمرور الوقت وتطور العقل البشري وتفكيره، تطورت حاجيات الإنسان، فمن بحثه عن الطعام والماء إلى الرفاهية والتمرد على الطبيعة.
المتابع لمسار تحركات البشر، يجد أنها هجرة غير منتظمة ولا تخضع لنفس القواعد، فاليوم هناك من يهجر لإكمال دراسته وتطوير قدراته الذاتية، حتى يعود إلى موطنه الأصلي، لتنفيذ ما خطط له سابقا، وهناك من يهجر لأن نظرته الاستشرافية لن تتحقق بموطنه أين يقيم، وهناك من يهجر بحثا عن العدالة الاجتماعية، لأن طبعه التحرري لا يتماشى والديكتاتورية التي يعيشها ببلاده، وهناك من يهجر لأن الفقر واليأس لا يسمحان له بتوفير لقمة العيش ولا تكوين عائلة، وهناك من يسافر لأجل السياحة، وهناك يلتقي نصفه الآخر، فيكون عائلة ويستقر دون تخطيط مسبق… إلخ.
لكن العالم اليوم يعيش هجرة “بغيضة” إن صحت هذه التسمية، فقد أصبحت الفرد يهاجر “مكرها” بعد استحالة العيش ببلده، حتى أصبحت ظاهرة تفرض نفسها على الحكام وأكبر الدول وأكثرها تطورا، فأمريكا الشمالية رغم قوتها إلا أنها فشلت في قمع أو الحد من هجرة الأمريكيين بالجنوب إلى أراضها رغم تشييدها لجدار المكسيك، وأوروبا تقف عاجزة أمام جحافل المهاجرين الأفارقة، والسبب في هذا أن أوروبا سيطرت اقتصاديا وأمنيا على جل دول إفريقيا، وترفض الخروج منها، لأنها تستغل كل الثروات الطبيعية لهذه البلدان، وعوض أن تدفع لشعوبها مقابل ذلك الاستغلال البشع، فهي تعمل على تجويعها، وإثارتها ضد حكامها، وخلق الفوضى واللاستقرار بين الشعب وحكامه، حتى لا يلتفت الشعب ولا يركز على ما يحدث من سرقة دولية لخيرات بلده، بل يبقى مهتما بالإطاحة بنظام حكم بلده والانقلاب على حكامه، وزرع الفتنة بين فئات الشعب وإثاؤة نعرات الجهوية، العنصرية والعرقية، وهي المخاطر التي تساعد على تحطيم البلد والقضاء على مؤسساته، فيصبح مستباحا من الجميع، ويستغل ثرواته الجميع ماعدا شعبه، ولنا في ليبيا، العراق، سوريا، ليبيا واليمن أمثلة.
هجرة اليوم، لا تستدعي الانتظار، بل التوجه إلى الميدان وتنفيذ الحلول لأنها واضحة وهي ورقة ذهبية في يد الدول الإفريقية لتنفيذ شروطها ضد الغرب، وفي حال تم نجاح ذلك، فالهجرة من إفريقيا نحو أوروبا ستنخفض بشكل حاد جدا، لكنها لن تتوقف كظاهرة، بل ستعكس اتجاهها، سيصبح الأوروبي مهاجرا رقم واحد نحو افريقيا، لضمان مستقبله ومستقبل عائلته، لأن المصانع والمشاريع الكبرى التي توفر مناصب الشغل منجزة بإفريقيا.
ولأن الإنسان يفكر فإنه لن يتوقف عن التنقل، وسيظل مهاجرا مادام يسعى على الأرض، وكل واحد حسب حاجته وقدره.
بقلم: وردة. ق
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

error: جميع نصوص الجريدة محمية
إغلاق