وهران

وهران على صفيح ساخن: 12 رئيس بلدية في الحبس و23 منتخبًا تحت طائلة المتابعة القضائية

ح. نصيرة

في الوقت الذي تبقّى فيه عام واحد فقط على إسدال الستار عن العهدة الحالية للمجالس الشعبية البلدية والولائية، تبدو ولاية وهران وكأنها تسير على حافة هاوية حقيقية. موجة من التوقيفات والمتابعات القضائية غير المسبوقة تضرب المجالس المحلية، وتكشف عن حجم الفساد والتسيير العشوائي الذي طبع هذه العهدة.

ففي سابقة لافتة، تم إيداع 12 رئيس بلدية الحبس المؤقت، يمثلون 10 مجالس محلية، إثر تورطهم في قضايا ثقيلة تتعلق بسوء التسيير، التلاعب بالصفقات العمومية، واستغلال النفوذ. كما تم فتح متابعات قضائية بحق 23 منتخبًا محليًا، بعضهم لا يزال قيد التحقيق، والبعض الآخر تحت الرقابة القضائية.

تشمل هذه التوقيفات مجالس كل من قديل، بوتليليس، الكرمة، بوفاطيس، وادي تليلات، العنصر، بوسفر، السانية، أرزيو، وبن فريحة، في حين لا تزال التحقيقات مفتوحة في مجالس أخرى، وسط مؤشرات على احتمال سقوط أسماء جديدة.

ومنذ أسبوع فقط، أُحيل رئيسا بلدية على القضاء، وتم وضعهما تحت الرقابة القضائية، فيما تم إيداع رئيسي بلدية آخرين رهن الحبس المؤقت، في إطار نفس المسار القضائي المتصاعد الذي يطال ملفات التسيير المحلي.

الملفات التي باشرتها الجهات القضائية تكشف عن نمط متكرر من التسيير الفاسد: مشاريع تُمنح مقابل “عمولات”، صفقات مُفصّلة على المقاس، وصراعات داخل المجالس تُعطل التنمية المحلية وتحوّل العمل البلدي إلى ساحة لتصفية الحسابات الشخصية والسياسية.

أحزاب بلا قاعدة نضالية

مصادر مطلعة تؤكد أن جذور هذه الأزمة تعود إلى طريقة تشكيل القوائم الانتخابية، حيث طغت الولاءات والانتهازية السياسية على الكفاءة والنزاهة. فتشكيلات حزبية دخلت الاستحقاقات بعشوائية، هدفها حجز مقاعد لا أكثر، دون رؤية أو مشروع محلي واضح، وهو ما انعكس على أداء المنتخبين داخل المجالس.

وفي ظل هذا الوضع، تم تجميد نشاط عدد من المجالس بسبب صراعات مستمرة بين رؤساء بلديات وأعضاء منتخبين، في مشهد يعكس الانهيار الكامل لأخلاقيات العمل السياسي المحلي.

ما يجري في وهران اليوم، لا يعكس فقط أزمة تسيير، بل يفضح اختلالًا بنيويًا في العملية السياسية على المستوى المحلي. إذ بات من الضروري – وفق مراقبين – أن تتحمل الأحزاب السياسية مسؤولياتها الكاملة في إعادة النظر في آليات ترشيحها، والقطع مع ممارسات الزبونية والتعيين على أساس الولاء، لا الكفاءة.

ومع اقتراب موعد العهدة المقبلة، تبدو الحاجة ملحة لوضع خريطة إصلاح حقيقية تبدأ من القاعدة، عبر تكوين نخبة نزيهة ومؤهلة، قادرة على كسر حلقة الفساد المستشري، وإعادة الثقة في العمل البلدي.

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

error: جميع نصوص الجريدة محمية
إغلاق