مزاد... كاب ديزاد

“الجزائريون ولدوا أحرارا”… عقدة فرنسا “الغبية”

لازالت فرنسا “الرسمية” تواصل اعتماد “غباءها” في تسيير علاقتها بالجزائر، عبر قنوات توخز من خلالها الذاكرة الجزائرية، وشطحات إعلامية تكلفها الكثير عن جهل واستخفاف بالجزائر، وبين تصريحات “تبريرية” لا يعدو كونها كلام لا يمكن اتخاذه على محمل الجد.
ورغم كل الأذى السابق واللاحق الذي أضرت به الجزائر وشعبها، منذ 1830 كقوة استعمارية عسكرية، لازلنا كدولة نتجرع نتائجه المضرة إلى اليوم، بسبب الجرائم التي اقترفتها في حقنا كشعب أعزل، والأضرار الجسمانية والاقتصادية التي تلاحقنا، لاسيما ما تعلق بالتجارب النووية بالصحراء الشاسعة من خلال تنفيذ 17 تفجيرا نوويا، منه 13 تفجيرا باطنيا بمنطقتي “وادي الناموس” و”إن إيكر” بولاية تمنراست، و4 تفجيرات سطحية بمنطقة “رقان” بولاية أدرار، التي لازالت إشعاعاتها تظهر في التشوهات الخلقية للسكان هناك والمناطق المجاورة لها، إلى جانب تأثيراتها على باقي الكائنات الحية هناك سواء النباتات أو الحيوانات. ورغم أن الجزائر في كل مرة تطالب فرنسا بتحمل مسؤوليتها في الجريمة الإنسانية التي اقترفتها هناك وتعويض الأشخاص ضحاياها، وكان رئيس أركان الجيش الجزائري فريق أول “السعيد شنقريحة” في 2021، قد طالب فرنسا بمنح الجزائر الخريطة الأصلية التي تحمل في طياتها مواقع ومساحات إجراء التجارب النووية، إلا أن فرنسا لم تتعاون في هذا الإطار، وصممت على مواصلة تجاهلها للمطالب الجزائرية، الداعية إلى تحملها مسؤولية الجرائم التي كانت قد اقترفتها منذ دخولها الجزائر في 1830، ولا تسقط بالتقادم.
الجزائر ولأنها قوية بقوة شعبها الذي يحمل شعار “مشروع شهيد من أجل بلدنا”، لم تتوقف عند عتبة ملف الذاكرة مع فرنسا أو انتظار تفضلها علينا، بل بدأت في اتخاذ جملة من القرارات التي تعزز استقلالنا الكامل، بالتحرر الاقتصادي، عبر تنويع شركائنا وتمتين علاقاتنا الدولية. فقد اتجهت الجزائر إلى إيطاليا لتوزيع الغاز إلى أوروبا بعدما كان ذلك متاحا لإسبانيا، لكن بعد خرق هذه الأخيرة للأعراف الدولية وانقلابها على مواقفها التاريخية اتجاه قضايا لها مسؤوليتها التاريخية، قوضت الجزائر تعاملها معها، دون عراك أو مشاكل. ومن جهتها، ظنت فرنسا أنها تتعامل مع مستعمَرة إلى اليوم، فبدأ بعض من مسؤوليها ينثرون تصريحات مستفزة للجزائر، ظانين أن جزائر 2023 هي نفسها جزائر تحت الاحتلال البغيض، لكن هيهات، فطالبوا بإعادة النظر في اتفاقية 1968 الخاصة بالمهاجرين، لِلَيْ ذراعها. فسارع رجالات الجزائر إلى إسدال الستار على فرنسا، ليهتموا بدول تربطها علاقات صداقة وتعاون مع بلدهم، وقبلها أصدر رئيس الجمهورية “عبد المجيد تبون” مرسوما في الجريدة الرسمية، يقضي بإعادة المقطع المحذوف من النشيد الوطني، والذي يذكر فرنسا بجرائمها ويدعوها للاستعداد لتلقي الردود.
وقد كان لزيارة الدولة التي قام بها رئيس الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية السيد “عبد المجيد تبون” إلى الدولة “الصديقة” الفيدرالية الروسية بدعوة من رئيسها السيد “فلاديمير بوتين”، أثرا بليغا على العلاقات الثنائية، ستترجم نتائجها تباعا على أرض الواقع في الفترة القادمة.
طلب الرئيس الجزائري المباشر العلني لروسيا بمساعدة الجزائر على تطهير مناطق الصحراوية التي أجرت بها فرنسا “الاستعمارية” تجاربها النووية، المضرة بالإنسانية، والتي لازالت تأثيراتها على الكائنات الحية بما فيها الإنسان هناك، قائمة إلى اليوم، وتشوه الأفراد أكثر دليل على قذارة ما قامت فرنسا “المجرمة” المختفية وراء شعار فرنسا “حقوق الإنسان”، وقد أبدى الرئيس “الروسي” موافقته على المشاركة في تطهير تلك المناطق بمختصين روس، بعدما نجحوا سابقا في مساعدة الجزائر لنزع الألغام التي قدرت بالملايين، زرعتها فرنسا عبر خطي “شال وموريس” لمنع الجزائريين من التنقل عبر الحدود الشرقية والغربية، وقد كان آخر هؤلاء الروس المتطوعين “أندريه بافيلينفكو” الذي قلده الرئيس الجزائري وسام “عشير” الذي ينتمي للأوسمة الثلاثة الذين تمنحهم الجزائر للجزائريين والأجانب.
الرئيس الجزائري كان صريحا وواضحا وهو يخاطب العالم في رده على صحفي بروسيا : الجزائريون ولدوا أحرارا، وسيبقون أحرارا في قراراتهم”، وهي الجملة التي أقضت مضجع فرنسا “الغبية”، فخرجت وزيرة خارجيتها “كاترين كولونا” اليوم تصيح وتشتكي من عودة مقطع النشيد الجزائر الذي يذكر فرنسا بالاسم إلى العزف رسميا، متناسية أن النشيد الوطني معتمد وكل الدول لها نشيدها الذي يميزها ويعبر عنها، وعديد الأناشيد الوطنية الدولية تشير إلى العدو المستعمر لها مباشرة. فالذاكرة الجزائرة لا تنسى ولا تحذف ماضيها بآلامه وأفراحه. وعوض أن تتجه وزيرة الخارجية إلى سلطات بلدها، وتحاول العمل على جعلها تتفاعل مع مطالب الجزائر القانونية والشرعية باسترجاع أرشيفها وجماجم شهدائها، والخرائط الخاصة بالتجارب النووية والألغام ومقابر الشهداء الذين لازالوا مجهولي مواقع الدفن، لتسهيل سيرورة العلاقات الثنائية، بتصحيح الماضي والانتقال إلى ما يخدم البلدين مستقبلا وفق قاعدة الند للند والاحترام التام للسيادة الجزائرية، لأن الجزائريين لا يقفزون على الماضي ولا يتجاهلون ماضيهم، بل يتناسون لتجنب العداوة وخلق الحقد.
وهو ما يجعل فرنسا “الرسمية” مضطرة للنزول من برجها العاجي والنظر باحترام وتقدير للجزائر وشعبها، وتسوية الملفات التي تعثر العلاقات بينهما في كل مرة، لأن الجزائريين لا يتنازلون عن كرامتهم ولا حقهم ولا يقبلون من يدوس على سيادة بلدهم مهما كان وأيا كان.
بقلم: وردة. ق
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

error: جميع نصوص الجريدة محمية
إغلاق