مزاد... كاب ديزاد
الجزائر… قاطرة افريقيا والعرب

عادت الجزائر من بعيد، لتستعيد دورها الريادي في رسم طريق افريقيا، بعدما تناست دورها ومكانتها لسنوات خلت.
عادت في وقت حاسم، يعرف فيه العالم تجاذبات سياسية وانتقسامات وتغيرات جيوسياسية، ويفرض على الدول الاصطفاف إلى الأقوى، بما يخدم مصالحها. فكانت الجزائر مثالا في “الديبلوماسية الخارجية”، وهي “تضرب الطابلة”، لتقول ما ينصف القضايا العادلة، وفي مقدمتها “القضية الفلسطينية”، التي صاحت بأعلى صوتها لأجلها، رافضة العدوان الصهيوني ضد الفلسطينيين، داعمة ومساندة نهارا جهارا “حركة حماس”، مدوية أمام العالم بأن حماس “حركة مقاومة”، لأنها تدافع عن أرضها وشرف شعبها، ومن ورائه شرف العرب، وهي لا تختلف عن حركة جبهة التحرير الوطني، التي ناضلت وقدمت النفس والنفيس حتى دحرت أكبر قوة استعمارية (فرنسا المستدمرة)، خارج جغرافيتها، وأعادت سيادة بلدها الجزائر، ولازالت تصول وتجول بين الدول والمنظمات الدولية، لحشد الدعم الدولي، للضغط على الكيان الصهيوني من أجل وقف “الإبادة الجماعية” التي يمارسها بغزة. وقبلها كانت قد قامت بخطوة عملاقة، بنجاحها في جمع ولمّ شمل الفصائل الفلسطينية، التي كانت متفرقة، فخرجوا ببيان الجزائر، وتجمعهم اليوم المقاومة للدفاع عن فلسطين الأرض، فلسطين الشرف، فلسطين الأقصى.
الجزائر لم تقف عند فلسطين وفقط، فقد رفضت أن تشارك في ضرب وإيذاء أشقائها العرب في سوريا، ليبيا واليمن، بل تدعم الحلول الداخلية لهذه البلدان، وحتى عندما حاولت أمريكا تصنيف “الحوثيين” كمنظمة “إرهابية”، لأنها قطعت المسار البحري أمام السفن المتجهة إلى الكيان الصهيوني، كرد ودعم للمقاومة الفلسطينية، حتى يتوقف العدوان على غزة، وقفت الجزائر صارخة في ضمير أعضاء مجلس الأمن، بأنه من غير المعقول والمنطق أن يتم تسمية “الحوثيين” بالإرهاب، بغض النظر عن كينونتهم، لأنهم يساندوا في قضية عادلة، ومن غير المعقول مساندة الكيان الصهيوني وهو يقتل ويجرم في حق الفلسطينيين أصحاب الأرض، باحثا عن طريق لتهجيرهم وسحق عرقهم للاستيلاء على أرضهم. كما أن الجزائر ترافع اليوم لاستعادة افريقيا لحرية بلدانها، وإنهاء كل أنواع الاستعمار التي ترزح تحته، ولم تكتف بترديد الوعود والشعارات، بل اتجهت إلى تنفيذ المشاريع الكبرى، كالطريق العابر للصحراء، مسار نقل الغاز من نيجيريا إلى أوروبا، السعي لفتح مناطق تجارية حرة، الانفتاح على افريقيا الغربية عبر موريتانيا، إنشاء صندوق دعم افريقيا، وتمويله لتنفيذ مشاريع تنموية بعديد البلدان الافريقية. ومرافعتها لدعم الشباب المسلم، والعمل على عودة حركة عدم الانحياز إلى القيام بدوره في إيجاد الحلول ودعم الدول المنتمية إلى حزامه.
وما ساعد اليوم في توهج الديبلوماسية الخارجية للجزائر، وعودة بريقها من جديد، هو تبوئها لمنصب عضو غير دائم بمجلس الأمن وكذا رئاستها للعديد من الهياكل القارية، الاقليمية والدولية، إلى جانب جودة ومتانة علاقتها بالدول، والأهم هي تلك المصداقية التي تتمتع بها لدى الهيئات الدولية والدبلوماسية العالمية، فهي اليوم صوت الشعوب المستعمَرة والدول الضعيفة، تقول كلمة الحق، وترافع للحرية والتحرر.
وبكل ثبات تحولت إلى قاطرة لافريقيا والعرب، لأن البقاء لمن يحسن الديبلوماسية إلى جانب الثروات، لكن بدون ديبلوماسية وعلاقات وثيقة، لا ينفع النفط والذهب.
وردة. ق