النقيب سحنون المختارية قائد فرقة إنقاذ في الأماكن الوعرة: امرأة تحدي تشرّف الحماية المدنية بوهران 

تعد النقيب سحنون المختارية واحدة من الوجوه البارزة في سلك الحماية المدنية بولاية وهران، حيث أثبتت كفاءتها وإصرارها على النجاح في واحدة من أصعب المهن وأكثرها تحديًا. اليوم، هي قائد فرقة التعرف والإنقاذ في الأماكن الوعرة التابعة لمديرية الحماية المدنية، حيث تتعامل مع الحالات الطارئة في أكثر الظروف قسوة وصعوبة.

بدأت سحنون المختارية رحلتها المهنية في عام 2011، بعد تخرجها من ملحق الدار البيضاء بالعاصمة الجزائر كعون للحماية المدنية. رغم أن تخصصها الأكاديمي كان في مجال الأمن الصناعي والمحيط، إلا أن شغفها ورغبتها العميقة في مساعدة الآخرين دفعاها لاختيار هذا المسار الميداني.

تقول سحنون في حديثها ل”كاب ديزاد “: “كنت دومًا أحب مساعدة الآخرين، وهذا ما جعلني أختار مهنة الحماية المدنية. هي مهنة نبيلة، حيث تضع حياة الآخرين في أولوياتك وتنسى نفسك في سبيل إنقاذهم.”

منذ تخرجها، بدأت النقيب سحنون في إثبات قدرتها على تحمل المسؤولية، وفي عام 2019، تم تعيينها قائدًا لفرقة التعرف والإنقاذ في ولاية وهران، وهو منصب يتطلب مهارات فنية وقيادية عالية. كانت تمثل تحديًا حقيقيًا بالنسبة لها، حيث يتطلب العمل في هذا المنصب تجهيزات خاصة وقدرة على التنقل في الأماكن الوعرة والمخاطر الطبيعية، مثل الحرائق والانهيارات الأرضية.

ولكن ذلك لم يوقفها، بل على العكس، دفعها لتطوير مهاراتها الشخصية والمهنية. مع مرور الوقت، أثبتت نفسها كقائدة حكيمة، حيث تتمتع بقدرة على اتخاذ القرارات السريعة والفعّالة في أصعب اللحظات. بفضل شجاعتها وكفاءتها، تم ترقيتها إلى رتبة النقيب، ليصبح اسمها اليوم مرادفًا للإنجاز والإبداع في ميدان الحماية المدنية.

تؤكد النقيب سحنون أن النجاح في الحماية المدنية لا يعتمد فقط على المهارات الفنية، بل أيضًا على الصحة البدنية والنفسية. “هذه المهنة تتطلب منك أن تكون في حالة بدنية ونفسية ممتازة، لأنك قد تجد نفسك في قلب الخطر في أي لحظة. القوة البدنية والانضباط الذاتي جزء من المتطلبات الأساسية للنجاح في هذا المجال”، تقول سحنون.

ومع ذلك، لا تنحصر مهنة الحماية المدنية في مجرد التدريب البدني والقدرة على مواجهة الخطر، بل تشمل أيضًا احترام القيم الإنسانية، مثل التضامن والمساعدة. “تتعامل مع أناس في لحظات حرجة جدًا، ولذا يجب أن تكون مستعدًا نفسيًا لتقديم الدعم والمساعدة دون تردد.”

النقيب سحنون المختارية تشكل نموذجًا يحتذى به للمرأة الجزائرية الطموحة، التي تقتحم مجالات كانت تقليديًا تقتصر على الرجال. تؤمن سحنون أن المرأة يمكنها أن تكون رائدة في أي مجال تختاره، بشرط أن تكون شغوفة به. “أقول لجميع النساء في الجزائر أن يثقن في قدراتهن. إذا كن شغوفات بما يفعلن، فإنهن قادرات على تحقيق النجاح في أي مجال، سواء كان في الحماية المدنية أو غيرها.”

ولعله من بين أكثر التحديات التي واجهتها النقيب سحنون هو التعامل مع نظرة المجتمع تجاه النساء في المهن الميدانية. تقول: “المرأة في الحماية المدنية قد تواجه بعض التحديات في البداية، لكن مع الجهد والمثابرة، يمكنك أن تكسب احترام الجميع.”

النقيب سحنون لا تكتفي فقط بتقديم النصائح للمقبلات على سلك الحماية المدنية، بل تحثهن على ضرورة الالتزام بالانضباط والتفاني في العمل. “الحماية المدنية ليست مجرد مهنة، بل هي رسالة إنسانية. يجب أن تكون لديك الرغبة في العطاء والعمل الجماعي، ويجب أن تلتزمي بالقيم والمبادئ الأساسية للانضباط.”

النقيب سحنون المختارية هي أكثر من مجرد قائد في فرقة إنقاذ. هي امرأة تحدت الصعاب لتثبت أن الإرادة والالتزام بالعمل يمكن أن يفتحا أبواب النجاح في أي ميدان. تجسد قصتها شجاعة المرأة الجزائرية وإصرارها على تحقيق أهدافها، وهي تظل نموذجًا يحتذى به في سلك الحماية المدنية وفي المجتمع ككل.