وهران
اليوم العالمي للمرأة : الرقيب نوره كرور بالحماية المدنية لولاية وهران – عطاء غير محدود في خدمة الإنسانية

م.جميلة
يتطلب العمل في عالم سلك الحماية المدنية مهارات استثنائية، شجاعة لا متناهية، وعزيمة فولاذية، و تبرز الرقيب نوره كرور بالحماية المدنية لولاية وهران، كإحدى النماذج الملهمة للمرأة الجزائرية التي كسرت القيود وأثبتت قدرة المرأة على التفوق في المهن الميدانية.
رحلة نوره مع الحماية المدنية بوهران بدأت منذ أكثر من عقدين، لكنها لم تكن مجرد مسار وظيفي، بل كانت قصة شغف وحب حقيقي لهذه المهنة التي اختارتها عن قناعة وحب، مهنة نذرت نفسها من خلالها لخدمة الإنسانية.
البداية كانت حلما وانتقلت إلى واقعا
وُلدت نوره في ولاية تيبازة، حيث كان لديها دائمًا حلم يراودها منذ الصغر، أن تكون جزءًا من فريق الحماية المدنية. و في حديثها ل”كاب ديزاد” تقول عن بدايتها: “منذ أن كنت طفلة كنت أراقب عن كثب عمليات الإسعاف والإنقاذ، وكان ذلك يشكل لي مصدر إلهام كبير. لم أكن أفكر في أي مجال آخر؛ كان الحلم هو خدمة المجتمع وتقديم العون للمحتاجين.”
كانت البداية مليئة بالتحديات. التحقت نوره بالجهاز في عام 2004، وعلى الرغم من قلة معرفتها في البداية بتفاصيل العمل الميداني، إلا أن روحها المعنوية العالية ورغبتها في أن تكون عنصرًا فاعلًا في مجتمعها دفعتها إلى الانطلاق بقوة. عملت في البداية كمسعفة في سيارة الإسعاف ، حيث قضت ما يقارب الخمس سنوات متنقلة بين الحوادث والحالات الطارئة.
الاختبارات الصعبة…بين الخوف والشجاعة
لم يكن العمل في ميدان الحماية المدنية سهلاً، بل كان مليئًا بالتحديات الميدانية التي تتطلب سرعة البديهة والقدرة على التحمل. لكن نوره، التي بدأت في مهنة الإسعاف، سرعان ما واجهت المواقف الصعبة التي كانت تضع قدرتها على الاختبار، ومنها حادث مميت تعرضت له امرأة مسنّة في ولاية تيبازة. تصف نوره تلك اللحظة قائلة: “كان الحادث مروعًا، حيث تعرضت العجوز لإصابة بالغة في ساقها. كان المنظر صادمًا، لأول مرة أرى مثل هذا الموقف. في تلك اللحظة، شعرت بثقل المسؤولية، ولكنني استجمعت قوتي وركزت على تقديم الإسعافات الأولية حتى تم نقلها إلى المستشفى.”
هذه التجربة، رغم صعوبتها، كانت بمثابة اختبار حقيقي لقدرتها على العمل تحت الضغط، كما كانت نقطة تحول في حياتها المهنية، حيث استمرت في تقديم الخدمة بكل تفانٍ وإخلاص.
المرأة في الحماية المدنية: تحدٍ ونجاح
بعزيمتها الفولاذية وحرصها على تطوير مهاراتها، تمكنت نوره من إثبات نفسها كعنصر فعال في الحماية المدنية، على الرغم من التحديات التي قد تواجهها المرأة في هذا المجال. نوره تؤمن بقوة أن النساء قادرات على النجاح في المهن الميدانية التي لطالما كانت مرتبطة بالرجال.
وتقول: “المرأة في الحماية المدنية ليست مجرد مساعدة؛ هي شريك أساسي في كل مهمة. عندما نكون في الميدان، لا يوجد فرق بيننا وبين الرجل، فنحن جميعًا نعمل من أجل هدف واحد: إنقاذ الأرواح.”
اليوم، وبعد سنوات من التضحيات والتحديات، أصبحت نوره من أبرز الأوجه النسائية في جهاز الحماية المدنية بولاية وهران ، حيث قامت بالعديد من المهام الصعبة والمعقدة، وكانت دائمًا في الصفوف الأمامية.
التوازن بين الحياة الشخصية والمهنية
بعيدًا عن واجباتها المهنية، نورة هي أيضًا أم وزوجة، وتحاول دائمًا الحفاظ على التوازن بين حياتها الشخصية وعملها في الحماية المدنية. وفي هذا الصدد، تشير إلى التحديات التي تواجهها في التنسيق بين الوقت الذي تقضيه في العمل والوقت الذي تعطيه لعائلتها. “العمل في الحماية المدنية يتطلب الكثير من الوقت والتفاني، لكن في النهاية، أسرتي هي أولويتي. رغم ضغوط العمل، أحاول دائمًا أن أكون موجودة لأطفالي وزوجي وأن أكون قدوة لهم في القوة والصبر.”
رسالة إلى المرأة الجزائرية
تُعتبر نوره كرور من الأسماء التي تُحتذى في مجال الحماية المدنية، وهي لا تكتفي فقط بالقيام بواجبها، بل تسعى أيضًا إلى تقديم رسالة تحفيزية لجميع النساء، تقول فيها: “المرأة يمكنها أن تكون قوية وناجحة في أي مجال تختاره. قد تكون الظروف صعبة، ولكن بالإصرار والعمل الجاد، تستطيع المرأة أن تحقق أهدافها. أنا فخورة بأنني جزء من جهاز الحماية المدنية، وأريد أن تكون قصتي مصدر إلهام لكل امرأة.”
في ختام حديثها، توجه نوره الشكر إلى زملائها في العمل، وعلى رأسهم المدير العام للحماية المدنية، ومديرها في ولاية وهران، الذين يؤمنون بدور العنصر النسوي في هذا المجال. “نحن محظوظون لأننا نعمل في بيئة تشجعنا على التميز، وأنا ممتنة للدعم الذي نتلقاه في الحماية المدنية.”
هذا و تعتبر الرقيب نوره كرور مثال حي على العزيمة والتفاني في خدمة الوطن، قصتها ليست مجرد حكاية عن مهنة، بل هي شهادة على قدرة المرأة الجزائرية على التأثير والنجاح في جميع المجالات. ففي قلب كل معركة إنقاذ، تتواجد امرأة تحمل رسالة العطاء والتضحية.