مزاد... كاب ديزاد
مستعدون لتحرير افريقيا…؟!

لاشك أن المجتمع الدولي، اليوم، ينصت باهتمام لكل ما يصدر عن رئيس الجمهورية من تصريحات، سواء كانت تخص الشأن الداخلي الجزائري أو تلك المتعلقة بالقضايا الإقليمي والدولي.
هذا الاهتمام لم يأت من العدم، بل فرضته المواقف “القوية” التي تتخذها الجزائر في كل مرة، خاصة عندما يتعلق الأمر بالقضايا العادلة، والقضاء على الاستعمار. وآخر ما قاله رئيس الجمهورية “عبد المجيد تبون”، لدى توليه أمس، منصب رئيس الآلية الافريقية للتقييم من قبل النظراء، تحدث بإسهاب عن التحديات التي تقف في وجه النهوض بالقارة الافريقية، ومن ضمن ما شد الانتباه، هو قوله: “نتعهد بتحرير كل ربوع افريقيا من الاستعمار”، جملة قصيرة التعبير، لكنها تفتح باب التفكير وإيقاظ العقل للبحث عن نوع الاستعمار الذي يقصده الرئيس. هذا الأخير، لم يقصد استعمار الأوطان واغتصابها “فقط”، لأن “الصحراء الغربية” هي المستعمرة الافريقية الوحيدة الباقية تحت نير الاستعمار، الذي ليس أجنبيا بل هو استعمار من شقيقة تربطها جغرافية مشتركة، ولم يقصد المرتزقة والميليشيات والجماعات الارهابية التي ترتع بأراضي بعض الدول، التي تعرف فوضى وانقسامات داخلية، على غرار ليبيا، مالي، النيجر، السودان…
الرئيس “تبون” أشار إلى أبعد من ذلك، لأن الاستعمار الظاهر يمكن القضاء عليه وطرده، لكن الاستعمار “المتخفي” هو الاستعمار الحقيقي الذي يجب أن تتوحد كل افريقيا لطرده، وأن تعمل على لمّ اللحمة الافريقية، لأنه لا مفر من ذلك، وإلا مسحها كدول ذات سيادة سيحدث مستقبلا، في ظل التغيرات والتكتلات الدولية الجارية في العالم. فاليوم افريقيا تعيش استعمارا اقتصاديا، حولها إلى حلبة صراع بين الامتداد الغربي والصيني والروسي، فروسيا اليوم تضع موطئا لقدمها، بالدول التي تشهد صراعات عبر “مجموعة فاغنر”، وحتى “الإمارات” بصفتها يد أمريكا التي تبطش بها في المنطقة، أصبحت ألاعبيها القذرة مكشوفة. الرئيس الجزائري، لم يشر إلى أي طرف بعينه، لكنه تعهد بتحرير افريقيا، وهو ما يعتبر نداء صريحا للشعوب الافريقية للالتفاف حول وحدة أوطانها، ودعم الدول الافريقية المجاورة والشقيقة لها في الجغرافيا، لنتمكن من استعادة السيطرة على ثرواتنا الطبيعية واستغلالها مباشرة لتنمية بلداننا الافريقية، التي نهشها الفقر وتفشي الأمراض وحتةى المجاعة، وعلى المؤسسات الرسمية العمل على استعادة ثقة الشباب الافريقي، الذي دفعته الضغوطات والشعور باليأس والإحباط إلى خيار الموت بالأمواج العاتية، على أن يستسلم لمستقبل مجهول العواقب بافريقيا.
تحرير افريقيا من كل انواع الاستعمار، لن يكون إلا بحلول افريقية بحتة، بعقول افريقية، عارفة بجذور المشاكل، لتضع حلولا جذرية، تسمح بتحويل افريقيا الحروب، الفقر، الأمراض، الجهل، التخلف إلى قارة الإبداع، التطور، التنمية، فتفرض الهجرة العكسية، وتصبح قبلة لاستقبال “الرجل الغربي” الذي يضطر إلى البحث عن العمل لتلبية حاجة أسرته بأوروبا.
نظرة استشرافية حالمة، تبدو صعبة التنفيذ، لكنها ستصبح واقعية إذا توفرت العزيمة والشجاعة والتحدي لدى الأفارقة حكومات وشعوب.
وردة. ق